التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب أسفل منكم ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم 42}

صفحة 2944 - الجزء 4

  «والقصوى» تأنيث «الأقصى» كالأكبر والكبرى، والأصغر والصغرى.

  والدنيا تأنيث الأدنى، يعني أدنى إلى جهة مكة، والدنيا: النشأة الأولى، وهي من الواو، قولك: دنوت إلى الشيء أدنو دنوًّا: إذا قرب، وأدناه إدناءً، فقلبت الواو ياء تخفيفًا.

  والقَصْيُ: البعد، وهو بالمكان الأقصى: الأبعد والناحية القصوى، وأقصيته: أبعدته، وقصوت من القوم أقصو: تباعدت.

  والركب: جمع راكب، كشارب وشرب، ركب يركب ركوبًا، والراكب المطي، والركب والركبان واحد، وهو أن يكونوا على جمال، وناقة رَكَّابَةُ، تصلح للركوب، وأَرْكَبَ المُهْرُ: جاز أن يُرْكَبَ، وما له رَكُوبَةٌ أيْ ما يَرْكَبُهُ.

  والسفل: خلاف العُلْوِ، سَفُلَ يَسْفُلُ سَفَالاً وتَسفَّلَ تسفلاً، وهو الأسفل، والسفلي.

  والمواعدة: مفاعلة من الوعد، وهو وعد كل واحد لصاحبه.

  · الإعراب: العامل في قوله: «إذ أنتم» ما تقدم من الكلام، تقديره: اعلموا أن اللَّه حكيم في قسمة الغنائم، إن كنتم مؤمنين بِاللَّهِ وما أنزل يوم الفرقان إذ كنتم، وقيل فيه حذف، أي اذكر إذ كنتم، عن أبي علي.

  · المعنى: ثم بَينَ - تعالى - نصره إياهم ببدر في مواقفهم، فقال سبحانه: «إِذْ أَنْتُمْ» أيها المؤمنون «بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا» أي بشفير الوادي، الأقرب إلى المدينة «وَهُمْ» يعني