التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب 48}

صفحة 2956 - الجزء 4

  · الإعراب: «وإذ» عطف على ما تقدم من تذكير النعم، وإعلام المؤمنين بأن أعمال الكفار طاعة للشيطان واتباع لأمره، وتقديره: وإذ يمكرون، وإذ يريكموهم، وإذ زين، عن أبي مسلم. وقيل: تقديره: واذكر إذ زين، وقيل: هو عطف على قوله: {خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ}، تقديره: لا تكونوا كالَّذِينَ خرجوا من ديارهم إذ زين لهم الشيطان أعمالهم، عن علي بن عيسى.

  · النزول: قيل: نزلت الآية في المشركين حين خرجوا إلى بدر، فذكر ابن عباس والسدي وابن إسحاق وغيرهم أنهم لما اجتمعوا على المسير ذكروا ما بينهم وبين بكر بن عبد مناف من بني كنانة، فتمثل لهم إبليس في صورة سراقة فقال: (لا غالب لكم اليوم وإني جار لكم) من بني كنانة، فلما تراءى الجمعان، ورأى الملائكة تنزل من السماء نكص على عقبيه وهرب، فقال له الحارث بن هشام: أين يا سراقة؟ قال: إني أرى ما لا ترون، وانهزم الناس، فلما قدموا مكة قالوا: هزم الناس سراقة، وبلغ ذلك سراقة، فحلف أنه لم يحضر الوقعة.

  · المعنى: ثم بيّن أن ما هم عليه طاعة للشيطان، وأنه لا أضل لهم منه حثًا على