التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم 49 ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق 50 ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد 51}

صفحة 2966 - الجزء 4

  يا رسول اللَّه، إني حملت على رجل لأضربه، فبدر رأسه، فقال ÷: «سبقك إليه الملَك». «وَذُوقُوا» قيل: فيه حذف، أي وقيل لهم أو يُقال لهم: ذوقوا، قيل: احتملوا «عَذَابَ الْحَرِيقِ» أي: عذاب النار في الآخرة.

  ومتى قيل لهم ذلك؟

  اختلفوا، قيل: عند الموت يبشرونهم بعذاب النار، عن أبي علي.

  وقيل: في القيامة، عن الحسن.

  وقيل: قالوه يوم بدر، وكان مع الملائكة مقامع من حديد كلما ضربوا التهبت النار في الجراحات، اختلفوا في ذلك حسب اختلافهم أن ضرب وجوههم وأدبارهم متى يكون ذلك، أي ما فعل بهم من العقوبة إنما فعل «ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ» أي: فعلت وكسبتْ «أَيْدِيكُمْ» أضاف إلى اليد تأكيدًا أنه فعله بنفسه كما يقال: يداك فعلت، عن أبي علي.

  وقيل: بل لأن أكثر الأفعال تكون باليد فذكر على التغليب «وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ» قيل: هو كلام الملائكة نسقًا على ما تقدم، عن أبي مسلم. وقيل: بل هو كلام اللَّه - تعالى - ابتداء، وقد انقطعت قبله الحكاية عن الملائكة، والمعنى أنه أخذهم بجريرتهم ولم يعاقبهم بغير ذنب ولا منعهم جزاء طاعة.

  · الأحكام: تدل الآية على أن المنافقين أظهروا النصرة ظاهرًا، ولما خلوا بكبرائهم عرفوهم ما يدينون به، وقد قال قوم: لم يكن قبل الفتح نفاق وليس بشيء، قول اللَّه أصدق، وقد بَيَّنَ أن ذلك كان منهم يوم بدر.