قوله تعالى: {إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم 49 ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق 50 ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد 51}
  عداوة النبي ÷ والمرتاب من لا يظهر عداوته ولكن كفره لشكه، فهما مختلفان من هذا الوجه «غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ» يعنون المسلمين، يعني غرهم دينهم حتى تعرضوا مع هذا الضعف وقلة العدد لحرب الناس، ويزعمون أنهم يظهرون على قريش والعرب بأن دينهم يعلو ديننا، عن أبي علي وجماعة من المفسرين، وقد قالوا: انظروا إلى هَؤُلَاءِ يقتلون أنفسهم يرجون أنهم يحيون بعد الموت، ويثابون على دينهم، حكاه الأصم «وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ» أي يثق به، ويرضى بحكمه، وينقطع إليه ويسلم لأمره «فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» أي قادر على نصرهم وعلى ما يشاء، حكيم يضع الشيء موضعه «وَلَوْ تَرَى» يا محمد «إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلاِئكَةُ» يعني يقبضون أرواحهم عند الموت «يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ» قيل: يضربون عند الموت، عن أبي علي. وقيل: يضربون وجوههم يوم بدر، وقيل: هم هَؤُلَاءِ المنافقون الذي زعموا أن هَؤُلَاءِ غرهم دينهم، فلو رأيتهم والملائكة يضربون وجوههم عند الموت، وقيل: جميع الكفار، وقيل: قتلى بدر، عن ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد، وجماعة من المفسرين. «وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ» [استاههم] ولكن اللَّه - تعالى - كنى عن سعيد بن جبير، ومجاهد. وقيل: وجوههم: ما أقبل منهم، وأدبارهم: ما أدبر، وتقديره: يضربون أجسادهم، عن مُرة الهمداني. وقيل: ظهورهم، عن الحسن.
  وقيل: كان إذا أقبل المشرك على المسلم ضربوا وجهه، وإذا ولى ضربوا أدبارهم بالسيف، عن ابن عباس، وعن الحسن أن رجلاً قال: يا رسول اللَّه، إني رأيت بظهر أبي جهل مثل الشراك، فقال: «ذلك ضرب الملائكة»، وعن مجاهد أن رجلاً قال: