قوله تعالى: {وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون 83}
  فقيل: يعني صدقًا وحقًا في شأن محمد ÷ فمن سألكم فاصدقوا وبينوا صفته، ولا تكتموا أمره، عن ابن عباس وابن جريج وسعيد بن جبير ومقاتل، وقيل: مروهم بالمعروف وانهوهم عن المنكر، عن سفيان. وقيل: الدعاء إلى اللَّه تعالى كما قال: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ} عن الأصم وجعفر بن مبشر. وقيل: قولوا لهم قولاً حسنًا، ثم اختلف هَؤُلَاءِ، فقيل: هو عام في المؤمنين والكفار، عن محمد بن علي وأبي عبيدة، وقيل: خاص في المؤمنين، ثم اختلف من قال: إنه عام هل هي ثابتة أم منسوخة؟ فقال ابن عباس وقتادة: نسختها آية السيف، وقال أكثر أهل العلم: ليست بمنسوخة؛ لأنه يمكن قتاله مع حسن القول، وما هذا حاله فلا ينسخ أحدهما الآخر.
  ومتى قيل: كيف يصح «وَإذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ» على الحكاية؟
  قلنا: لأن الحكاية على ثلاثة أوجه:
  حكاية اللفظ والمعنى، كقولك: قال زيد: عمرو عالم.
  والثاني: على المعنى بلفظ يقوم مقام المحكي لا بصورته بعينها، كقولك: قال زيد: عمرو عارف، وَكَانَ قَالَ: عالم.
  الثالث: الحكاية على المعنى بما ليس بمنزلة الأول، لكن يفهم منه معناه، كقولك: قال زيد: عمرو من العلماء، وَكَانَ قَالَ عَارِفُ، وهذه الآية من هذا القبيل، لأنه يفهم منها معنى لا تعبدوا إلا اللَّه، كأنه قيل: واللَّه لا تعبدوا إلا اللَّه.
  «وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ» يعني أديموها وأدوها بتمامها «وَآتُوا الزَّكَاةَ» يعني أعطوا زكاة أموالكم، وقيل: كان زكاة أموالهم قربانًا تنزل نار من السماء فيحرقه، عن ابن عباس. «ثُمَّ تَوَلَّيتُمْ» أي أعرضتم «إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ» قيل: إنه خطاب لمن كان في عصر النبي ÷ من اليهود، يعني أعرضتم بعد ظهور المعجزات كإعراض أسلافكم، وقيل: إنه خطاب لأسلافهم المذكورين في أول الآية «وأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ» قيل: عما أخذ عليهم