قوله تعالى: {ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون 59 وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون 60 وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم 61}
  المسلمون فهذا فيء، وفيه الخمس؛ لأنه غير مأخوذ بالقتال.
  (مسألة)
  فأما إذا غلب المرتدون على دار، وخاف منهم المسلمون فوادعهم الإمام ورأى ذلك أصلح للمسلمين جاز، وكذلك يجوز موادعة أهل البغي، ولا يجوز أخذ مال منهم؛ لأن إسقاط القتل عنهم بعوض لا يجوز، كما لا يجوز أخذ الجزية عنهم، وكذلك المرتد لا يجوز أخذ شيء منهم، فإن أخذ الإمام منهم مالاً يرد على المرتد، على قول من يجعله فيئًا، وعلى قول من يجعله ميراثًا يرده على ورثته المسلمين. فأما الباغي فيرد عليهم عند وضع الحرب أوزارها؛ لأن مال أهل البغي لا يحل أخذه كما لا يحل أخذ الجزية.
  (مسألة)
  ولا بأس بأن يطلب المسلمون موادعة الكفار إذا خافوا على أنفسهم، ويعطوا على ذلك مالاً ليدفع ضررهم، كما أعطي المؤلفة قلوبهم.
  (مسألة)
  وإذا وقعت الموادعة أمنوا على أنفسهم ومالهم وذرياتهم؛ لأن الموادعة أمان لهم، ثم للإمام أن ينبذ العهد إليهم، ويبعث من يبلغهم ذلك، فإذا بلغهم فذلك نقض، ودارهم دار حرب كما فعل النبي ÷ مع قريش عند نزول براءة.