التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين 1 فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين 2}

صفحة 3023 - الجزء 4

  القصة

  قيل: كان الذي قرأ براءة بمكة عليا، وصاحب الموسم أبا بكر، وكان دفعها إليه، ثم أتبعه عليًّا منه على ما ذكرنا عن الحسن، وقتادة، ومجاهد، وأبي علي.

  وقيل: نزلت في سنة ثمان وولي الحج عتاب بن أسيد.

  وقيل: أراد رسول اللَّه ÷ أن يحج، ثم قال: «يحضر المشركون فيطوفون عراة فلا يجب أن أحج»، فبعث أبا بكر على الموسم أميرًا ليقيم الناس الحج ودفع إليه شطرًا من براءة ليقرأها عليهم عن الأصم وغيره، قال الأصم: لما ولي أبو بكر دعاه وأخذ منه براءة ودفعها إلى علي إزاحة لعلة العرب أن العهد ونقضه لا يلي إلا من هو منه.

  وقيل: لما سار أبو بكر دعا عليًا وبعثه خلفه، فخرج علي [على ناقته] العضباء، فأدرك أبا بكر بذي الحليفة، فأخذها منه، فرجعه وقال: يا رسول اللَّه، هل نزل فيّ شيء؟ قال: «لا، ولكن لا يبلغ عني غيري أو رجل مني، أما ترضى يا أبا بكر أميرًا على الحج وعلي المؤدي براءة»، فقدما مكة فلما كان قبل يوم التروية بيوم خطب أبو بكر، وحث الناس على مناسكهم، وأقام للناس الحج، والعرب في تلك السنة على منازلهم في الجاهلية في أمر الحج، حتى إذا كان يوم النحر قام علي فأذن في الناس بالذي أمره النبي ÷، وقرأ عليهم سورة براءة، وقيل: قرأها يوم عرفة، وكان علي ينادي بأربعة: لا يطوف بالبيت عريان، ومن كان له عهد عند رسول اللَّه فعهده إلى مدته، ولا تدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يحج بعد عامنا مشرك.

  وروي أنه لما أمره أن ينادي أن ذمة اللَّه وذمة رسوله بريئتان من كل مشرك