قوله تعالى: {وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله فإن تبتم فهو خير لكم وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم 3 إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين 4}
  تَوَلَّيتُمْ» أعرضتم عن الإيمان وأصررتم على الكفر «فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ» أي: هو قادر عليكم ولا يفوته، وقيل: اعلموا أن الإمهال ليس هو العجز وإنما هو لإظهار الحجة والمصلحة «وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا» أي: أخبرهم بالعذاب مكان البشارة «بِعَذَابٍ أَلِيمٍ» وجيع، وهو عذاب النار، ثم استثنى قومًا فقال سبحانه: «إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» قيل: استثناء وقع من براءة من اللَّه ورسوله في العهد الذي كان بينهم عن الزجاج، وقيل: الاستثناء في قوله: «فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ» «الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ» ثم نقلت إلى ههنا بأمر اللَّه عن الحسن، وروى الحسن أن هذه الآية نزلت قبل براءة، وأن براءة نسخته وليس بالوجه؛ لأنه خلاف الظاهر، وإجماع المفسرين على خلافه «مِنَ الْمُشْرِكِينَ» قيل: هو عام، وقيل: هو حي من كنانة، وقيل: هم الَّذِينَ عاهدوا عام الحديبية - عن الأصم. «ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا» قيل: لم ينقضوكم من شروط العهد شيئًا، وقيل: لم ينقضوا من مدة العهد بالخيانة «وَلَمْ يُظاهِرُوا» يعاونوا «عَليكُمْ» أيها المؤمنون «أَحَدًا» من عدوكم بالنفس والمال «فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ» أَجَلِهِم الذي وقعت المعاهدة عليه «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ» قيل: تقديره: اتقوا اللَّه في نقض عهوده إن اللَّه يحب المتقين لمعاصيه، وقيل: اتقوا اللَّه لمعاصيه، فإنه يحب من يتقي معاصيه.
  · الأحكام: تدل الآية على إعلام الناس براءته - تعالى - من المشركين وبراءة رسوله ليستعدوا للحرب ويصير المسلم في العلم مع المشرك سواء ليستعدوا للحرب.
  وتدل على أنه ما لا ينقض العهد لا يجوز نقض العهد، ويجب الإتمام، وهو قول شيخنا أبي علي، وعند أبي حنيفة وأصحابه يجوز نبذ العهد من غير خيانة إذا رأى المصلحة في ذلك.
  وتدل على أن مظاهرة من هو في عهد المسلمين يقتضي نقض العهد ولولا ذلك لم يجعل زوال ذلك شرطًا في الوفاء بعهدهم.