قوله تعالى: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم 5 وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون 6}
  قيل: حتى يسمع كلام اللَّه ويعلم أنهم لا يعلمون ما يؤول إليه عاقبة أمرهم، وقيل: لا يعلمون ما حق اللَّه عليهم عن الأصم.
  · الأحكام: تدل الآية على وجوب قتل المشرك حيث وُجِدَ، واختلفوا، فقيل: نسخت هذه الآية كل آية في القرآن من ذكر الإعراض والصبر على الأذى، وقيل: هذه الآية منسوخة بقوله: {فَإِمَّا مَنًّا} عن قتادة {وَإِمَّا فِدَآءً} عن الضحاك، وقيل: هي ناسخة لقوله: {فَإِمَّا مَنًّا} عن قتادة، والصحيح أنه لا نسخ فيها؛ لأنه يصح الجمع بينهما، فإذا لم يكن بينهما تنافٍ لم تصح دعوى النسخ؛ لأن الأمر داخل في قوله: «وَخُذُوهُمْ» ولو كان القتال حتمًا لم يكن للأخذ معنى عطفًا على القتال، والإعراض يجوز أن يكون المراد به إعراض إنكار، فأما المن والفداء فلا يجوز عند أبي حنيفة، ويجوز عند غيره، ولا شك أن براءة نزلت بعد سورة محمد ÷.
  وتدل على جواز قتلهم سرًا وعلانية؛ لأن هذا هو المراد بقوله: «وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ».
  وتدل على وجوب التخلية عند إظهار الإسلام، وقد بينا ضم الصلاة والزكاة إلى إظهار الشهادتين.
  وتدل على جواز الأمان، ولا خلاف فيه، قال الحسن: الآية محكمة إلى يوم القيامة، وسأل رجل عليًا - كرم اللَّه وجهه - عمن جاء بعد المدة محمدًا ليسمع كلام اللَّه، أيقتل؟ قال: لا، وقرأ: «وَإنْ أحدٌ مِنَ الْمُشْرِكينَ اسْتَجَارَكَ».
  وتدل على أن المعارف مكتسبة؛ إذ لو كانت ضرورية لاستغنى عن سماع كلام الله والحجج، ولما صح قوله: «لا يعلمون».