قوله تعالى: {كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين 7 كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون 8}
  النكث والغدر، ولا يجوز حمله على من اتقى نقض العهد مع الإقامة على الكفر؛ لأنه - تعالى - لا يحب مَنْ هذا حاله إلا أن يُحْمَلَ على أنه يحب هذه الخصلة دون غيرها، فيجوز على بُعْدٍ في التأويل «كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ» هذه الآية مردودة على الآية الأولى؛ أي: كيف يكون لهم عهد وهم إن ظهروا عليكم أي: ظفروا وغلبوا، وقيل: تقديره: لِمَ لَمْ تقتلوهم ولا تنبذوا إليهم عهدهم وهم يترصدون الغوائل ولا يحفظون فيكم حق اللَّه ولا حق القرابة؟ «لا يَرْقُبُوا» قيل: لا يحفظوا، عن ابن عباس، وقيل: لا ينتظروا عن الضحاك، وقيل: لا يراعوا عن قطرب، وأراد أنه إنما امتنعوا عن قتالكم للخوف والضعف لا للعهد، فأخبر عن سواد خَلَّتِهِم وما أضمروا عليه من العداوة «فِيكُمْ» أيها المسلمون، «إِلًّا» قيل: عهدًا عن مجاهد، وابن زيد، والسدي. وقيل: قرابة عن ابن عباس، والضحاك. وقيل: حلفًا عن قتادة. وقيل: يمينًا عن أبي عبيدة. وقيل: إلا لاسم اللَّه - تعالى - عن مجاهد، وأبي مجلز، وعبيد بن عمير. وروي أن أبا بكر قرئ عليه كلام مسيلمة فقال: هذا لم يخرج من إلٍّ، قال الأصم: هذا لا يجوز؛ لأنه لا يجوز أن يسمى إِلًّا بما سمى به نفسه «وَلا ذِمَّةً» قيل: عهدًا عن مجاهد، وابن زيد، وجماعة المفسرين. ومن حمل الإل على العهد قالوا: جمع بينهما باختلاف اللفظين كقول الشاعر:
  يَنْأ عَنَّي وَيَبْعُدِ
  وقال الآخر:
  [وَأَلْفَى] قَوْلَهَا كَذِبًا وَمَيْنَا
  وجمع الذمة: الذمم.