قوله تعالى: {كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين 7 كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون 8}
  حذف النفي، أي: لا يكون لهم عهد، وإن ظهروا عليكم لا يرقبون فيكم عهدًا.
  · النزول: قيل: قوله: «إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجدِ الْحَرَامِ» نزل في قوم بني بكر من كنانة، عن محمد بن إسحاق، والسدي، والكلبيَ.
  وقيل: هم بنو خزيمة، وبنو مدلج، وبنو الديل، دخلوا في عهد قريش يوم الحديبية، فلما نقضت قريش وبنو الديل، أمر بإتمام العهد لمن لم ينقض من بني بكر، وهذا أصوب الأقوال؛ لأن الآية نزلت عند فتح مكة، ونقض قريش العهد.
  وقيل: لما نزلت الآية في قريش وأهل مكة عاهدوا يوم الحديبية، فأمر بأن يستقيم ما استقاموا، فلم يستقيموا ونقضوا، فأعانوا بني بكر على خزاعة، فضرب لهم المدة عن ابن عباس، وقتادة، وابن زيد، وأبي علي.
  وقيل: نزلت في خزاعة، عن مجاهد، وكانوا في عهد النبي ÷ ولم ينقضوا نبذ العهود، فأمر بإتمام مدتهم.
  · المعنى: لما أمر - تعالى - بنبذ العهد إلى المشركين بيّن العلة وهي ما ظهر منهم من الغدر، وأمر بإتمام العهد لمن استقام، فقال سبحانه: «كَيفَ يَكُونُ» أي: لا يكون، وقيل: هو تعجيب من حال المشركين «لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ» مع ما ظهر من غدرهم ونكثهم «إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ» قيل: قريش، وقيل: قبائل بكر، وقيل: خزاعة، وأراد بالمسجد الحرام مسجد مَكة «فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ» أي: ما داموا باقين معكم على العهد والطريقة المستقيمة فكونوا معهم كذلك «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ» قيل: يحب من اتقى معاصيه، وقيل: يحب من اتقى