التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدءوكم أول مرة أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين 13 قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين 14 ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء والله عليم حكيم 15}

صفحة 3048 - الجزء 4

  العذاب، قال أبو علي: وهو مجاز «وَيُخْزِهِمْ» يذلهم بالأسر والقهر «وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ» ويظهركم ويعينكم أيها المؤمنون عليهم «وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ» قيل: يذهب أذى قلوبهم بقتل الكفار وإذلالهم، وقيل: قلوب خزاعة؛ لأن قريشًا نقضوا العهد بقتالهم عن مجاهد، والسدي. «وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ» أي: يذهب كرب قلوبهم وحراراتها بما نالهم من الكفار، وقيل: بما نال خزاعة من بني بكر بإعانة قريش إياهم، ثُمَّ استأنف فقال تعالى: «وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ» أي: يقبل من تاب منهم مع فرط جرمهم رحمة منه وفضلاً، وقيل: يلطف لمن يعلم أنه يتوب عند لطفه فيتوب «وَاللَّه عَلِيمٌ حَكِيمٌ» قيل: عليم بما يفعل العباد وبقولهم سرًا وجهرًا، حكيم تأتي أفعاله على صواب عن أبي مسلم. وقيل: عليم بأفعالهم، حكيم في ما يريده منهم عن أبي علي. وقيل: [عليم بما] هو كائن من عباده، حكيم في أمره ونهيه وحكمه عن الأصم.

  · الأحكام: تدل الآية على وجوب قتال الكفار.

  وتدل على أن قتالهم عقوبة، لذلك قال: {يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ}.

  وتدل على وعد الظفر والنصر، فوقع مخبره على ما أخبر، فتدل على معجزة له ÷.

  وتدل على أنه - تعالى - يقبل توبتهم إن تابوا؛ لأن التوبة إذا أضيفت إلى اللَّه تنصرف إلى اللطف في التوبة والرجوع، وإن أضيفت للعبد فهي الندم والاستدراك، وأصل التوبة الرجوع؛ لأن العبد بالندم يرجع عن طريقته، واللَّه - تعالى - بقبوله كالراجع عما كان يفعله من الذم واللعن.