قوله تعالى: {ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدءوكم أول مرة أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين 13 قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين 14 ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء والله عليم حكيم 15}
  قلنا: لما حث على قتالهم بشرهم بالنصر، وذكرهم أفعالهم الخبيثة حثًا على قتالهم.
  ويقال: كيف يتصل: «وَيَتُوبُ اللَّه عَلَى مَنْ يَشَاءُ»؟
  قلنا: بقوله: «وإن تابوا» عن أبي مسلم، وقيل: فيه بشارة بأن منهم من يتوب، وقيل: بيان أنه ليس في [قتالهم اقتطاع] أحد منهم عن التوبة.
  · المعنى: «أَلَا تُقَاتِلُونَ» أي: هلا تقاتلون، ومعناه قاتلوا، إلا أنه أكده بـ ألا «قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ» قيل: نقضوا عهودهم، وقيل: هم اليهود نقضوا العهود وخرجوا مع الأحزاب عن الأصم، وأبي علي، والقاضي. وقيل: هم مشرك وقريش وأهل مكة «وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ» أي: قصدوا إخراجه عن مكة، وهم مشركو قريش، وقيل: هم اليهود هموا بإخراج النبي والمؤمنين عن المدينة ومعاونة المنافقين، عن الأصم، وأبي علي. «وَهُمْ بَدَأُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ» قيل: بدأوا بقتال خزاعة حلفاء النبي ÷، وقيل: بَدَؤُوا بنقض العهد عن أبي إسحاق، والأصم، وأبي علي. وقيل: بدأوكم بالقتال أو لمرة يوم بدر «أَتَخْشَوْنَهُمْ» أي: أتخافونهم على أنفسكم فتتركون القتال «فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ» أن تخافوا عقابه في الدنيا والآخرة، وقيل: هو أحق أن تخشوه إن تركتم أمره «إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ» فخشية اللَّه أحق بكم من خشية غيره، قال الأصم: لأنه يمنعكم منهم ولا يمنعونكم من عذابه، وقيل: لأنكم إن قاتلتموهم كنتم بين حسنيين: الظفر والأجر، وإن تركتم قتالهم صرتم بين مذلتين: ذل في العاجل، وذل في الآجل، ثم أكد ما تقدم بالبشارة بالنصرة، فقال سبحانه: «قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ» قيل: يقتلهم بأيديكم، يعني يأمركم بقتالهم، ثم ينصركم عليهم لتقتلوهم، فأضاف ذلك إلى نفسه لأنه بأمره ونصره، وقيل: إذا تناولتموهم بالسلاح أنزل اللَّه بهم