التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون 16}

صفحة 3051 - الجزء 4

  · المعنى: «أَمْ حَسِبْتُمْ» أي: أظننتم أيها المؤمنون «أَنْ تُتْرَكُوا» أي: يترككم اللَّه، أي: يدعكم، قيل: مهملاً فلا يأمركم بالجهاد - والإخلاص، وقيل: لا يدعكم تفرون بالنقص بالحق وتدعون أنكم مؤمنون حتى يمتحنكم بغيره من الجهاد ونحوه فتجاهدوا بالقول والفعل، فبين أن الإيمان ليس بالدعوى حتى ينضم إليه قطع العصمة من الكفار والعمل بالشريعة، وقيل: أظننتم أنكم تتركون عن الجهاد فلا يفرض عليكم القتال «وَلَمَّا يَعْلَم اللَّه الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ» قيل: الألف في قوله: «ولما» صلة، ومعناه: ولم يعلم؛ أي: لم يظهر ما علمه منكم من الجهاد، فذكر نفي العلم والمراد المعلوم، وتقديره: أظننتم أن تتركوا ولم تجاهدوا ولم تمنعوا أن تتخذوا وليجة واللَّه يعلم ذلك منكم، وقيل: تقديره: ولما يجاهد المجاهد واللَّه عالم بها، عن القاضي. «وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً» يعنى سوى اللَّه وسوى رسوله ÷، المؤمنين قيل: المهاجرون والأنصار، وقيل: خيار أصحاب رسول اللَّه ÷، وأصحاب بدر، وأصحاب الشجرة، ومعنى قوله: «وليجة» قيل: بطانة وأولياء يوالونهم ويفشون إليهم أسرارهم عن الفراء وغيره. وقيل: خديعة عن الضحاك. وقيل: خيانة عن قتادة. وقيل: أولياء عن عطاء. وقيل: هو الكفر والنفاق عن الحسن. وقيل: مودة عن الزجاج. وقيل: مدخلاً يلجون إليه مستبشرين بمخالفة الرسول والمؤمنين عن علي، وأبي مسلم، والقاضي. «وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ» قيل: عليم بما تعملون سرًا وعلانية، لا يخفى عليه شيء، زجرًا لهم عما يقدمون عليه، وقيل: عليم بوجوه الأعمال، فيجازي بحسبه.