التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين 25 ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين 26 ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء والله غفور رحيم 27}

صفحة 3071 - الجزء 4

  توبته برحمته مع عظم ما تقدم من معصيته، وعلقه بالمشيئة؛ لأن فيهم من أسلم وفيهم من لم يسلم «وَاللَّهُ غَفُورٌ» لعباده يغفر ذنوبهم بالتوبة «رَحِيمٌ» بهم يدخلهم الجنة.

  القصة

  ذكر أصحاب التفاسير ونقلة السير، وزاد بعضهم ونقص آخرون أن رسول اللَّه ÷ (فتح مكة في شهر رمضان وخرج متوجهًا إلى حنين لقتال هوازن وثقيف، وعلى هوازن يومئذ مالك بن عوف النصيري، وعلى ثقيف: كنانة بن عبد يا ليل الثقفي، وقد أجمعوا لقتال المسلمين وتوجهوا إليهم ومعهم مالهم ونساؤهم وذراريهم، وفيهم دريد بن الصمة شيخ كبير، فدعا مالك بن عوف وقال: أين كليب وكلاب؟ قال: لم نشهد منهم أحدًا، قال: لم يشهد الحل والحرم، قال: فما لي أسمع ثغاء الغنم ورغاء الإبل وبكاء الصبيان، قال: أحضرتهم معي لتكون الحرب عنهم، قال: أما علمت أن المنهزم لا يرده شيء، فلما التقى الجمعان قال بعضهم: لن نغلب اليوم من قلة، فساء رسول اللَّه قوله، وخلى اللَّه - تعالى - بينهم وبين عدوهم لإعجابهم، فانهزموا الجماعة على ما تقدم، وقيل: انهزمت الطلقاء بالناس يومئذ، عن قتادة. وبقي مع رسول اللَّه ÷ (نفر، منهم العباس، وهو ينادي: يا معشر المهاجرين والأنصار، يا معشر أصحاب الشجرة، يا معشر سورة البقرة، ورسول اللَّه فيمن لم يولي دبره يومئذ قال: والذي لا إله إلا هو لقد رأيته وأبو سفيان بن الحارث آخذًا بالركاب والعباس باللجام وهو يقول: «أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب»، فلما سمع المسلمون صوت العباس تراجعوا وقالوا: لبيك لبيك، وتبارز الأنصار خاصة، وقاتلوا المشركين حتى قال رسول اللَّه: «الآن حمي الوطيس» ثم أخذ كفًا من الحصا فرماهم بها وقال: «شاهت الوجوه».