التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إن الله عليم حكيم 28}

صفحة 3077 - الجزء 4

  المدعو به عن أبي علي. وقيل: لأن ذلك الغنى لا يدوم لهم بل في وقت دون وقت عن الأصم. وقيل: لتنقطع الآمال إلى اللَّه - تعالى - كقوله: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ}، «إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ» بالمصالح وتدابير العباد وكل شيء «حَكِيمٌ» فيما يأمر وينهى عن أبي علي. وقيل: عليم بحاجتكم لا يخليكم مع حكمته من فضله بتعويض ما فاتكم من هَؤُلَاءِ الكفار، عن أبي مسلم.

  · الأحكام: تدل الآية على أن المشركين نجس، وقد بينا ما قيل فيه، والأصح أنه تشبيه وتوسع؛ لمنعهم أن يقربوا المسجد للعبادة، كما يقال: فلان كلب، فلا تكلمه.

  وقد اختلف الفقهاء فيهم وفي سُؤْرِهِمْ.

  فأما فيهم ففيه ثلاثة أقوال:

  قيل: نجس العين، عن الحسن، وهو مذهب الهادي # وجماعة من الزيدية.

  وقيل: جنب محدث عن قتادة.

  وقيل: إنه مشبه بالنجاسة، عن أبي علي.

  وذهب أبو حنيفة إلى أنه طاهر، وهو قول الشافعي، واختيار السيد أبي الحسين، والمروي عن زيد بن علي.

  فأما سؤوه، فالأكثر على أنه طاهر، وذهب جماعة أنه نجس.

  فأما دخولهم المسجد فاختلفوا فيه:

  فقال أبو حنيفة: لا بأس أن يدخل أهل الذمة المسجد الحرام وسائر المساجد.

  وقال مالك: لا يدخلون المسجد الحرام وسائر المساجد.