التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إن الله عليم حكيم 28}

صفحة 3076 - الجزء 4

  واختلفوا، فقيل: هو نجس العين عن عمر بن عبد العزيز، وقال: لا [تصافحوهم] فمن صافحم فليتوضأ، قالوا: يغسل اليد، وقيل: هم نجس من حيث لا يغتسلون ولا [يَتَوضَّؤُونَ]، وقيل: أراد تشبيههم بالنجاسة من حيث يجب تجنبهم وإبعادهم عن الحرم كما تقول: فلان كلب وخنزير، فجعل التشبيه مقدمة للمنع من الحرم، وهو الوجه؛ لأنه لا تزول نجاستهم بالغسل، وإنما تزول بالاعتقاد، فعلمنا أنه تشبيه وليس بحقيقة للنجاسة، وقيل: وصفهم بذلك مبالغة في الذل وأنهم يستقذرون كالنجاسات ويهانون «فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ» قيل: المراد المنع من الحج، وقد روي أن عليًا - # – [حج] سنة تسع بالبراءة، وقال: لا يحج بعد هذا العام مشرك، وقيل: المراد منعهم من دخوله على طريق الولاية للموسم والعمرة ولذلك خصه بالعام، وقيل: منع بالدخول أصلًا في المسجد، ويمنع من حضور الموسم ودخول الحرم عن أبي علي. وقيل: يمنع إلا أن يكون عبدًا أو أمة أو ذميًا عن جابر، وقتادة. وقيل: المراد الحربي، وقيل: «الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ»، قيل: أراد المسجد، وقيل:

  المسجد والحرم سواء كله مسجد عن عطاء، وأبي علي. «بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا» وهو سنة تسع من الهجرة السنة التي حج بالناس فيها أبو بكر، وقرأ عليٌّ آخر سورة براءة، وبعده حجة الوداع عن قتادة وغيره. «وِإنْ خِفْتُمْ» أيها المؤمنون «عَيلَةً» [فقرًا] أو حاجة «فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ» أي: يعطيكم اللَّه من فضله ورحمته ما تستغنون به، وقد أنجز ما وعد، واختلفوا فيما أغنى به، فقيل: بالفيء والجزية عن الضحاك، وقتادة، والأصم. وقيل: أنزل عليهم المطر مدرارًا فكثر خيرهم عن عكرمة. وقيل: أسلم أهل جدة وصنعاء واليمن وحملوا الطعام إلى مكة عن مقاتل. وقيل: افتتحت البلاد وكثر الحاج، وجهزت إليها الأمتعة، وأمنت الطرق، ومال الناس إليهم فوقعوا في الخصب «إِنْ شَاءَ» إنما شرط المشيئة، قيل: لأن منهم من لا يبلغ هذا