التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون 86}

صفحة 477 - الجزء 1

  الأجزاء، عن أبي علي، وقيل: إلى الاعتمادات اللازمة فيه، عن أبي هاشم، وهو الصحيح، ولذلك تستوي الأجزاء ويختلف الثقل.

  والنصرة: المعونة على الأعداء، واختلفوا فقيل: نصرة اللَّه تكون للمؤمنين لأنه ثواب، عن أبي علي، وهو الصحيح، وقيل: قد يكون ثوابًا، وقد لا يكون ثوابًا، ويجوز أن ينصر الفاسق، وقد أمرنا به، عن أبي بكر أحمد بن علي.

  · الإعراب: يقال: لِم دخلت الفاء في قوله: «فَلاَ يُخَفَّفُ»؟

  قلنا: فيه قولان:

  أحدهما: العطف على «اشْتَرَوْا»، فتكون في صلة «الَّذِينَ».

  والقول الآخر: بمعنى جواب الأمر كقولك: أولئك الضُّلَّالُ فلا خير فيهم، كأنك قلت: أتيتهم فلا خير فيهم، والأول أوجه؛ لأنه على سياقة الكلام من غير حذف ولا إخلال.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ الوعيد على فعلهم فقال تعالى: «أُولَئِكَ» يعني اليهود الَّذِينَ تقدم ذكرهم «الَّذِينَ اشْتَرَوْا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا» يعني استبدلوا وأخذوا الحياة بدلاً من الآخرة وليس ههنا بيع ولا شراء، وإنما هو توسع، أي تركوا الدين وما جاء به الرسول ÷ وتمسكوا بالكفر إيثارًا للدنيا، وطلبًا لزينتها تشبيهًا بمن يدفع السلعة، ويأخذ الثمن «فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ» أي لا ينقص، والنقصان بوجهين: بانقطاعه، أو بتخفيف أجزائه «وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ» أي لا يجدون ناصرًا يخلصهم من العذاب، فقوله: «فَلاَ يُخَفَّفُ» إثبات لشدة العقاب، وإن كان له طريقًا «وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ» نفي للنصرة.

  · الأحكام: الآية تدل على أنه لا شافع لهم؛ إذ لو كان يخفف عنهم لنصرهم.