قوله تعالى: {أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون 86}
  وتدل على أن الإيمان ببعض الكتاب لا ينفع مع الكفر ببعضه.
  ومتى قيل: إذا وجب عليهم الطاعة مع إقامتهم على المعصية، فلماذا ذمهم على ذلك؟
  قلنا: ذمهم على المناقضة، ولأن المعصية أفحش؛ إذ الزواجر أكثر.
  وتدل على معجزة لنبينا محمد ÷ حيث أخبر عن سرائر أخبارهم من غير أن قرأ كتابًا، ولا سمع منهم حديثًا، أو اختلط بهم.
  وتدل على أن الإقدام على المعصية مع العلم بالتحريم أعظم، وفي الآية تسلية للنبي ÷ بأن اليهود كيف تقبل قولك وهم لا يعملون بكتابهم مع إقرارهم به، وأنه من عند اللَّه.
  وتدل على أن ذلك القتل والإخراج فِعْلُهُمْ لذلك ذمهم، ولو كان خَلْقًا له لما توجه عليهم الذم، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في خلق الأفعال.
  ومتى قيل: أليس هو تعالى مكنهم من ذلك؟
  قلنا: التمكين من المحسَّنات تمكين من المقبَّحات، ولا يصح التكليف إلا بذلك، إلا أنه تعالى أمرهم بالطاعة، ونهاهم عن المعصية، ووعد وأوعد، وأزاح العلة.
قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ٨٦}
  · اللغة: الخفة: خفة الوزن، وهو نقصانه، ونقيضه الثقل، والتخفيف والتسهيل والتهوين نظائر، وتخفيف العذاب النقصان منه، واختلفوا في الخفة والثقل، فقيل: يرجع إلى