التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون 29}

صفحة 3081 - الجزء 4

  اللَّه، وأكلهم السحت الربا «وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ» وقيل: أراد الدين الحق وهو الإسلام، وقيل: الحق هو اللَّه ودينه الإسلام، عن قتادة. «مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ» يعني اليهود والنصارى؛ لأنه - تعالى - ميز بين المشركين وأهل الكتاب، فحكمه في المشركين القتل أو الإسلام، وفي أهل الكتاب أخذ الجزية «حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ» يعني الخراج عن رقابهم الذي يبذلونه للمسلمين دفعًا للقتل «عَنْ يَدٍ» أي: بالنقد من يده إلى يد مَنْ يدفعه إليه من غير ناقل كما يقال: كلمته فَمًا لِفَمٍ وقيل: «عن يدٍ» عن ذل بأن تكون يد المسلم فوق يدهم، وقيل: عن قهر لهم وقدرة لكم عليهم، كما يقال: اليد لفلان، وقيل: نقدًا لا يمهلون ولا يؤخرون كما يقال في الربا: يدًا بيد، عن أبي مسلم. وقيل: نعمة عليه منكم في قبول المال واستيفائه، عن أبي علي. وقيل: يدًا أن يعطوه بأيديهم يمشون لا ركبانًا ولا برسالة عن ابن عباس، وأبي علي. وقيل: يعطونها على كره منهم عن أبي عبيدة. «وَهُمْ صَاغِرُونَ» ذليلون مقهورون، وقيل: يعطيها قائمًا والآخر جالسًا، عن عكرمة، وأبي علي. وقيل: الصغار: إعطاء الجزية لا بسبب حقن دمائهم، وقيل: الصغار أن تجري عليهم أحكام المسلمين، وقيل: هو أنه لا تقبل فيها رسالة ولا وكالة، [وقيل: يُوطَأُ] في رقبتهم عند أخذ الجزية، عن الكلبي، وقيل: أراد أن يعلنوا الإقرار بها وبدفعها، وفيه إذلال، عن الأصم.

  · الأحكام: الكلام في هذه الآية من ثلاثة أوجه: