التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون 29}

صفحة 3085 - الجزء 4

  فأما أن يقال: إنه يدفع بينهم التمسك بالكفر أو يأخذه الإمام كذلك، فقياس فاسد وقبيح ومعصية، فلا يجوز، فإن يأتوا ذلك فقد أتوا بقبيح، فأما الإمام فلا ينوي إلا إزالة القتل.

  وقوله: إنه يصير كالإسلام.

  قلنا: هي لإزالة القتل، والإسلام لإزالة العقوبات، فإن أحدهما غير الآخر ولا يؤدي إلى التخيير.

  ورابعها: قالوا: لم لا يجوز تقريرهم بغير جزية؟

  قلنا: لكونه أصلح، وهو أعلم بالمصالح، ولأن بقاءهم على الإذلال والإصغار أدعى لهم إلى الإسلام، وعلى خلافه أَدْعى إلى الكفر، ولأن فيه صلاحا لهم لاستبقائهم، وصلاحًا لعامة المسلمين فيما يؤخذ منهم، ولهذا ميزوا بوجوه من الدين وغيره لطفًا لهم في ترك الكفر ولطفًا لنا في الشكر.

  وخامسها: قالوا: إذا امتنعوا من أداء الجزية فكيف حالهم؟

  قلنا: إذا كان القتل سقط عنهم لأجل الجزية فإذا لم يعطوها اقتضى إباحة قتلهم، ولأنه بدل على ذلك.

  فأما الأحكام الشرعية ففصول:

  أولها: مَنْ أهل الكتاب؟

  وثانيها: مَنْ تؤخذ منه الجزية ومن لا تؤخذ؟