التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم 34 يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون 35}

صفحة 3101 - الجزء 4

  والرهبان علماء النصارى، عن أبي علي. «لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ» قيل: الرشا في الحكم عن الحسن، وأبي علي. وقيل: كانوا يرتشون ويحرفون كتاب اللَّه ويكتبون أشياء، ويقولون: هذا من عند اللَّه، وقيل: ما كانوا يأخذون من سفلهم في تكذيب محمد وكتمان أمره وتحريف دينهم، وإنما خص الأكل لأنه معظم التصرف، ومعناه يتملكون، فوضع الأكل موضعه، وقيل: يأكلون ما يشترون بما يأخذونه منهم وبثمنه فكأنهم يأكلون الأموال «وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ» يعني جمعوا المال ولم يؤدوا زكاته، وكل مال أدي زكاته فليس بكنز وإن كان مدفونًا، وما لم يؤد زكاته فهو كنز وإن كان على ظهر الأرض، عن عمر، وابن عباس، وابن عمر، والحسن، وعامر الشعبي، والسدي، والضحاك، وقد روي ذلك مرفوعًا.

  قال أبو علي: وهو إجماع، وروي عن أبي علي: ما زاد على أربعة آلاف فهو كنز أدي زكاته أو لم يُؤَدَّ، ويبعد أن يصح عنه؛ لأن المال إذا جمع من حله وأدي حق اللَّه منه فلا وعيد فيه إلا أن يحمل على أنه متى كثر اشتغل به عن فرائضه.

  وعن عبد الواحد بن زيد: ما فضل عن المال عن حاجة صاحبه فهو كنز، وهذا ليس بشيء؛ لأنه - تعالى - رخص في ذلك وأوجب الزكاة وقسم المواريث، ولم يُنْكَرْ شيء من ذلك.

  وعن أبي هريرة: من جمع عشرة آلاف فهو كنز.

  وعن أبي ذر: من جمع المال كوي به، وهذا إن حمل على أن الأولى الاشتغال