التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين 36}

صفحة 3109 - الجزء 4

  · الأحكام الشرعية بها، وأجمع الفقهاء أن الاعتبار في الأحكام بسني القمر إلا تأجيل العنين، فقد قال مشايخنا: العنين يؤجل سنة شمسية، إن وصل إليها وإلا فرق بينهما، وإنما حكم - تعالى - بذلك لما علم أن فيه من المصالح ولسهولة معرفته عند الخاص والعام، وقلة اللبس فيه، فكان تعليق الأحكام بها أولى مما لا يعلم إلا بحساب دقيق ولا يقف عليه إلا القليل.

  وتدل على أن في الزكاة والجزية والدية على العاقلة، والصوم والحج والمطلوبات من الشهور الاعتبار بهذا، وذكر الأصم أن أهل الكتاب كانت سنونهم على عدد الأيام كل سنة ثلاثمائة وستون يومًا، وكان سنو العرب بُدُورًا في كل زمان، ويكون الحج في الشتاء والصيف، وفي الربيع والخريف، وسنو أهل الكتاب لا تتبدل وكذلك العجم وأعيادهم، فجمع اللَّه تعالى الخلق في سني العرب.

  وتدل على وجوب القتال لمن لا يؤدي الجزية؛ لأن هذه الآية مرتبة على ما تقدم، ولأنه قال: «كما يقاتلونكم»، وهذا لا يليق إلا بأهل الحرب.