التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين 36}

صفحة 3108 - الجزء 4

  الشهور شهر رمضان وأشهر الحرم، ومن الأيام الجمعة، ومن الليالي ليلة القدر، فعظموا ما عظم اللَّه.

  «ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ» قيل: الحساب المستقيم إلا ما كانت العرب تفعله من النسيء، وقيل: ذلك الدين الذي تعبد به فهو لازم، وأراد التعبد بالإسلام دون الأشهر «فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ» قيل: في الأشهر الحرم، عن قتادة، والأصم، وأبي علي، وأبي مسلم. وقيل: في الاثني عشر شهرًا، عن ابن عباس، وقوله: «فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ» قيل: لا تستحلوا القتل والغارة، عن ابن عباس، وقيل: بأن تجعلوا حلالها حرامًا وحرامها حلالاً، كما فعله المشركون من النسيء، عن محمد بن إسحاق بن بشار. وقيل: بالمعاصي، فإن الذنب فيهن أعظم، عن قتادة. وقيل: بترك قتالهم إذا قاتلوكم، عن أبي مسلم. «وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً» أي: جميعًا مؤتلفين غير مختلفين «كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً» جميعًا، وقيل: قاتلوهم خلفًا بعد سلف كما أنه يخلف بعضهم بعضًا في قتال المسلمين عن الأصم. وقيل: قاتلوهم جميعًا ولا تمسكوا بعهد ولا ذمة إلا من أدى الجزية عن صغار، فعلى هذا يرجع قوله: «كَافَّةً» إلى المشركين «وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ» بالنصر والمعونة.

  · الأحكام: تدل الآية على عدد الشهور والسنة وما أنعم اللَّه به على عباده في دينهم من حفظ أوقات العبادات، كالحج، والصوم، والصلاة، والزكاة وغيرها، وما تعلق به من مصالح دنياهم، كالآجال، والحسابات، والتواريخ، والعدد وغيرها، فجعل كل سنة اثني عشر شهرًا، وكل شهر ثلاثين يومًا، فيصح بذلك جميع الحساب.

  وتدل على أن الاعتبار في السنة بشهور القمر لا بشهور الشمس، وكانت سني الروم والفرس شمسية، فحكم - تعالى - في الإسلام بأن الاعتبار بالقمرية، وعلق