قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل 38 إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شيء قدير 39}
  يحصل بطاعة اللَّه والجهاد في سبيله، وهذا إنكار عليهم في اختيارهم الدنيا وحث على اختيار الآخرة على الدنيا «فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ» ما ينتفع به من نعيم «الدُّنْيَا فِي» جنب ثواب «الآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ».
  ثم عقبه بالوعيد فقال: «إِلَّا تَنْفِرُوا» أي: تخرجوا إجابة للرسول إلى الجهاد وتقعدوا عنه «يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا» وجيعًا، قيل: عذاب الآخرة، وقيل: حبس المطر عنهم، وقيل: في عذاب الدنيا، والأولي أصح؛ لأن الوعيد بترك الطاعات إنما هو بعذاب النار «وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ» يعني يأتي بقوم أطوع منكم لا يتثاقلون في الجهاد، قيل: هم أبناء فارس، عن سعيد بن جبير، وقيل: هم أهل اليمن عن أبي روق، وقيل: هم الَّذِينَ أسلموا بعد نزول هذه الآية وبعد إسلام هَؤُلَاءِ عن أبي علي. «وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا»، قيل: لا تضروا اللَّه بهذا القعود شيئًا عن الحسن، وأبي علي؛ لأنه غني بنفسه لا يحتاج إلى شيء، وإنما يضرون أنفسهم حيث لزمهم العذاب، وقيل: لا تضروا الرسول؛ لأن اللَّه - تعالى - ينصره ويعصمه من جميع الناس، عن الزجاج، والأصم، وهو الأولى؛ لأنه قال بعده: «إلَّا تَنْصرُوهُ» فإنه لا يبقى بغير ناصر، وينصره اللَّه - تعالى - «وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» على نصرة رسوله وغيره؛ لأنه قادر لنفسه لا يعجزه شيء، وقيل: قادر على إهلاك الكفار الَّذِينَ أمرهم بقتالهم في لحظة، ولكن كلفهم قتالهم امتحانًا، عن أبي علي.
  · الأحكام: تدل الآية على الترغيب في الجهاد والتحذير من التثاقل والتباطي.