التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل 38 إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شيء قدير 39}

صفحة 3117 - الجزء 4

  «ولا تضروه» جزم عطفا على «يستبدل».

  · النزول: قيل: نزلت الآية في غزوة تبوك، عن الحسن، ومجاهد، وجماعة من المفسرين، قال الأصم: هو إجماع.

  وقيل: نزلت في المنافقين، حكاه الأصم.

  وقيل: لما رجع رسول اللَّه من الطائف دعا الناس إلى غزو الروم أيام إدراك النخل والزرع ومحبة القعود في الظل وشدة الحر، فعظم عليهم غزوها، وكرهوا الخروج، وكانت رسول اللَّه قلما يخرج في غزو إلا كنى عنها غير غزوة تبوك، فإنه دعا إليها لبعد شقتها، وكثرة الغزو، وليتأهب الناس، فتثاقل الناس، فأنزل اللَّه - تعالى - هذه الآية.

  · المعنى: ثم حث اللَّه - تعالى - المسلمين على الجهاد، فقال سبحانه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ [آمَنُوا]» قيل: هو عام، وقيل: بل هو خاص وإن كان اللفظ عامًا أن كل المؤمنين كانوا لا يتثاقلون إلى الجهاد عن أبي علي. «مَا لَكُمْ» توبيخ وتقريع، أي: أي شيء حملكم على ذلك «إِذَا قِيلَ لَكُمُ» يعني قال لكم رسول اللَّه ÷ (ودعاكم، وقيل: المراد كل داع إلى يوم القيامة «انْفِرُوا» اخرجوا «فِي سَبِيلِ اللَّهِ» طريق اللَّه وهو الجهاد، وقيل: هو ههنا غزوة تبوك عن الحسن، ومجاهد. وقيل: كل سبيل [يفضي] إلى مرضاته كالجهاد وسائر الطاعات «اثَّاقَلْتُمْ» تباطأتم وتكاسلتم «إِلَى الْأَرْضِ» وقيل: أخلدتم إلى الأرض، أي: لزمتم أرضكم ومساكنكم، وقيل: إلى الأرض: لما أخرجت الثمار، وقيل: اخترتم الدعة والراحة حتى كدتم لا تنهضون من الأرض «أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ» أي: بخفض الدنيا ودعتها ونعمتها عوضًا عن نعيم الآخرة وثوابها الذي