قوله تعالى: {وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون 88}
  يَلْعَنُ الناسَ، ولُعْنَةٌ بسكون العين يلعنه الناسُ، قال الخليل: اللعنة في القرآن والملاعنة اسم شرعي بحكم مخصوص بين الرجل وامرأته إذا قذفها.
  · الإعراب: يقال: بِمَ ينتصب «قَلِيلًا» وما معناه؟
  قلنا: فيه خلاف، فقيل: لا يؤمنون إلا بقليل مما في أيديهم كأنه قيل: فإيمانًا قليلاً لا يؤمنون، فنصبه؛ لأنه صفة لمصدر محذوف، وقد قام مقامه ودل عليه، وقيل: انتصب بنزع حرف الصفة، أي بقليل يؤمنون، وقال قتادة: معناه لا يؤمن منهم إلا القليل، فنصبه على هذا، فيما قاله بعض أهل العلم، فصاروا قليلاً ما يؤمنون، وقيل: نصب على الحال.
  ويُقال: مامعنى (ما) ههنا؟
  قلنا: هي صلة، أدخلها للتوكيد كقوله: (مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً)، عن أكثر النحويين.
  · المعنى: رجع الكلام بعد مخاطبة اليهود إلى الحكاية عن سوء أفعالهم ومقالهم، فقال تعالى: «وَقَالُوا» يعني اليهود «قُلُوبُنَا غُلْفٌ» أي في غلاف؛ لأنه جمع أغلف، وأراد {وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ} فمنعت بذلك من درك ما دعوا إليه، وأنهم كذبوا في ذلك، فيبطل قول الجبرية: إنه كذلك؛ إذ لو كانوا صادقين لما بعثهم، ولكن كلفهم ما يطيقون، عن أبي علي وجماعة.
  وتدل على أنه لا مانع لهم من الإيمان من جهة اللَّه، وأنهم من قبل أنفسهم أُتوا.
  وتدل على أن أفعال العباد فعلهم كذلك أضاف القول والإيمان إليهم.
  ويدل قوله: «فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ» أن معهم إيمانًا خلاف ما قاله الواقدي والكسائي؛ لأنه الأصل في الكلام والحقيقة.