التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون 88}

صفحة 481 - الجزء 1

  ويقال: هل يدل قوله: «وَقَفَّينَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ» على أنهم كانوا على شريعة واحدة؛ لأن الذي يقفو صاحبه أن يكون على طريقته؟

  قلنا: قيل: كل واحد منهم على طريقة صاحبه، في القول والعمل، والتصديق لصاحبه، والدعاء إلى اللَّه، وإن اختلفت شرائعهم؛ لأنه لا بد لكل نبي من شريعة، أو زيادة على شريعة، أو إحياء شريعة، وقيل: في تصديق موسى، وموافقته والعمل بالتوراة والدعاء إلى التوحيد.

قوله تعالى: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ ٨٨}

  · القراءة: قراءة العامة «غلف» بسكون اللام مخففة، وعن بعضهم «غلُف» بضم اللام، والفرق بينهما أن المخفف جمع أَغْلَفَ، كأحمر وحُمُر، والتثقيل جمع غلاف، ككتاب وكُتُب، والمعنى مختلف، فمعنى التخفيف كمعنى {فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ} أي لا تفقه حجتك، ولا تعلم بينتك. ومعنى غلف بالتثقيل أي هم أوعية العلم، إلا أنها لا تعلم ما تقول، ولو كان فيه خير لَوَعَتْهُ، عن الكلبي، وقيل: هو أوعية العلم فلا نحتاج إلى حديثك وعلمك، عن ابن عباس وعطاء، فعلى التخفيف كأنه قيل: هي في وعاء، وعلى التثقيل كأنه وعاء.

  · اللغة: الغلاف: غلاف السكين، وجمعه غُلُفُ، وغلام أغلف، مثل أقلف كأنه في غلاف، وَقَلْبٌ أغلف: كأنما غشي غلافًا، فهو لا يَعِي.

  واللعن الطرد والإبعاد، ومنه ذئب لعين أي طريد، ورجل لُعَنَة بفتح العين