التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم 61 يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين 62 ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم 63}

صفحة 3174 - الجزء 4

  يُؤْذُونَ النَّبِيَّ» الأذى قد يكون بالفعل وقد يكون بالقول وهو ههنا بالقول «وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ» قيل: صاحب أذن يصغي إلى كل أحد، عن ابن عباس، وقتادة، ومجاهد، والضحاك. وقيل: ذو أذن سامعة، عن أبي حاتم، وقيل: يسرع إلى قبول ما سمع ويسمع إليه، وقيل: الأذن الذي يقبل على كل عذر «قُلْ» يا محمد ردًا عليهم وتكذيبًا لهم ليس كما يقولون بل أذن خير «قُلْ أُذُنُ خَيرٍ لَكُمْ» لا أذن شر وليس (خَير) بمعنى أَفْعَل، وقيل: يقبل ما يحب قبوله، عن أبي علي، وقيل: تقديره: أنه يسمع إلى الخير، ويعمل بالحق «يُؤْمِنُ بِاللَّهِ» يعني يسمع إلى الوحي فيصدق اللَّه ويصدق المؤمنين ويقبل منهم دون المنافقين عن ابن عباس، يقال: أمنته وآمنت به صدقته، كقوله: {لِرَبِّهِم يَرْهَبُونَ} أي: يرهبون ربهم، وقيل: «وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ» أي: يؤمنهم فيما يلقي إليهم من الإيمان ولا يؤمن المنافقين بل يكذبون على خوف إن حلفوا «وَرَحْمَةٌ» أي: وهو رحمة للمؤمنين، وقيل: لانتفاعهم بكلامه، وقيل: يرحم من استرحمه ويقبل عذر من اعتذر إليه، عن الأصم، وقيل: إنه أنقذهم من النار وهو رحمة لهم «وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ» النبي ويسيئون القول فيه ثم يحلفون لكم والخطاب للمؤمنين؛ أي: يحلفون لكم كذبًا «لِيُرْضوكُمْ وَاللَّه وَرَسُولُهُ أَحَقُّ» وأولى «أَنْ يُرْضُوهُ» بترك الكفر والنفاق، والإخلاص في الدين لأنه يعلم سرائرهم «إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ» كما يزعمون، وقيل: إن كنتم مؤمنين فطلب رضا اللَّه أحق من طلب رضا البشر «أَلَمْ يَعْلَمُوا» قيل: معناه استبطاء العلم أي: هلا علموا بعد أن مكنوا من العلم، وقيل: هو أَمْرٌ بالعلم أي: اعلموا بهذا الخبر والدلائل وقد علموا وعاندوا، وقيل: أليسوا قد عرفوا وأخبروا بذلك فما سمعوا «أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ» أي: يخالف اللَّه «وَرَسُولَهُ» ويصير في حد أعدائه، قيل: تجاوز الحد في المخالفة، وقيل: هم