التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزئوا إن الله مخرج ما تحذرون 64 ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون 65 لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين 66}

صفحة 3179 - الجزء 4

  وقيل: إسرارهم، عن أبي مسلم. «وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ» يا محمد بأن تقول: لِمَ قلتم ولم فعلتم ولم طعنتم في الدين؟ وهو سؤال تقريع وإنكار وليس سؤال تعريف، عن أبي مسلم. «لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ» أي ندخل في ذلك عبر طريق للعب، غير معتقدين ولا جادين «قُلْ» لهم يا محمد «أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ» حججه وكتابه «وَرَسُولِهِ» محمد ÷ «كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ» هذا استفهام، والمراد الإنكار عليهم، وقيل: بذكر اللَّه تستهزئون، وقيل: بدينه لأن الاستهزاء به محال. «لَا تَعْتَذِرُوا» قيل: إن كان هذا القول لَعُذْرٍ قلتم فليس ذلك بعذر بل كفرهم بهذا الصنيع، عن أبي علي. وقيل: إنه غير مقبول ولا يكون عذر فلا تعتذروا «قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إيمانكُمْ» قيل: كفرتم بهذا العذر بعد إظهاركم الإيمان، عن الحسن. وقيل: كفرتم بالتخلف عن رسول اللَّه ÷ وغير ذلك من أفعالكم، عن أبي مسلم. وقيل: أظهر اللَّه كفركم للنبي ÷ وأصحابه بعد أن كنتم عندهم مسلمين، عن الأصم. «إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ» قيل: عن جماعة بالتوبة، وقيل: هو رجل من أشجع لما نزلت هذه الآية تاب من نفاقه «نُعَذِّبْ طَائِفَةً» جماعة بالإصرار وترك التوبة «بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ».

  · الأحكام: تدل على خوف المنافقين من نزول الوحي وذلك يدل على تحيرهم ونكثهم في الدين؛ لأنهم مع تكذيبهم إياه جوزوا كونه صادقًا.

  وتدل على أن اللعب والاستهزاء في الدين كُفْرٌ، فتدل على [أن] جد الكفر كفر، وهزله كفر.

  وتدل على أن التوبة من الكفار مقبولة؛ لأن قوله: «نَعْفُ» بالتوبة، وإذا وجب ذلك فيهم فغيرهم أولى.