التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم 71 وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم 72 ياأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير 73}

صفحة 3197 - الجزء 5

  · الأحكام: تدل الآية على وجوب الموالاة بسبب الإيمان؛ لأنه جعل الإيمان كالعلة في ذلك، فيدل على أن ما توجبه المشاركة في الدين من الحرمة أعظم مما يوجب النسب والقرابة.

  وتدل على وجوب نصرة المؤمنين بعضهم لبعض.

  وتدل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ووجوب الصلاة والزكاة، فلذلك علق الرحمة بجميع ذلك.

  وتدل على أن الرحمة تنال بمجموع ذلك، خلاف قول المرجئة.

  وتدل على أن جميع ذلك فعلهم لذلك استحقوا المدح فيصحح ذلك قولنا في المخلوق.

  وتدل على أنه تعالى مع ما أعطاهم من النعم يظهر رضاه لهم تعظيمًا لهم وزيادة في إكرامهم.

  ويدل قوله: «جَاهِدِ» على وجوب الجهاد بالسيف واللسان، لأن المنافق ما لم يتيقن نفاقه يجاهد باللسان، فتدل من هذا الوجه أن الجهاد في الدين بالبيان والوعظ، وإيراد الحجج، وحل الشبه كالجهاد بالسيف وربما يكون أعظم، وذلك بحسب الحال والحاجة.

  وتدل على وجوب الغلظة على الكفار أجمعين، ويمنع من استعمال الرفق واللين بهم، ويظهر في هذه الآيات، ونظيره قوله تعالى: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}.