التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير 74}

صفحة 3199 - الجزء 5

  · النزول: قيل: كان رسول اللَّه ÷ قاعدًا في ظل شجرة فقال: «سيأتيكم إنسان فينظر إليكم - يعني شيطان - فإذا جاء فلا تكلموه» فطلع رجل أزرق، فدعاه رسول اللَّه ÷ فقال: «علام تسبني أنت وأصحابك»، فانطلق فجاء بأصحابه، فحلفوا بِاللَّهِ ما قالوه، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية، عن ابن عباس.

  وقيل: [لما] خرج رسول اللَّه، ÷ إلى غزوة تبوك كان المنافقون يجتمعون ويسبون النبي ÷، فدعاهم، وقال: «ما هذا الذي بلغنى عنكم؟» فحلفوا ما قالوا شيئًا، فنزلت الآية تكذيبًا لهم، عن الضحاك.

  وقيل: نزلت في [الجلاس] بن سويد، وذلك أن رسول اللَّه ÷ خطب بتبوك، وذكر المنافقين وعابهم وسماهم رجسًا، فقال [الجلاس]: إن كان محمد صادقًا فيما يقول [فنحن] شر من الحمير، فسمعه عامر [بن قيس]، فأخبر به النبي ÷ عند منصرفه إلى المدينة، فدعاه وذكر له ذلك، فحلف ما قال، وحلف عامر أنه قال، ثم دعا عامر عند المنبر قال: اللَّهم بيَّن الصادق منا، وأمَّن المؤمنون، فنزل جبريل بالآية قبل أن يتفرقوا، فلما بلغ قوله: «فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيرًا لَهُمْ» قال [الجلاس]: يا رسول اللَّه، صدق عامر، وأنا أستغفر اللَّه وأتوب إليه، وتاب وحسنت توبته، عن عروة، ومجاهد، ومحمد بن إسحاق الكلبي.

  وقيل: نزلت في عبد اللَّه بن أبي [بن] سلول حين قال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فأخبر زيد بن أرقم بذلك رسول اللَّه ÷، فحلف ما قال ذلك، فنزلت الآية، عن قتادة.

  وقيل: نزلت فيه حين اقتتل جهني وغفاري، وكانت جهينة حلفاء الأنصار، فظهر الغفاري على الجهني، فنادى عبد اللَّه [بن أبي]: يا بني الأوس، انظروا أخاكم، فواللَّه ما مثلنا ومثل محمد إلا كما قيل: سَمِّنْ [كَلْبكَ يأكلْكَ]. [فأخبر بذلك] رسول اللَّه ÷، فحلف ما قال، فنزلت الآية، عن قتادة أيضًا.