قوله تعالى: {يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير 74}
  «يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا» يعني: حلفوا «وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ» يعني: الطعن في الدين والنبي وتكذيبه، قيل: هو الجلاس، عن مجاهد. وقيل: عبد اللَّه بن أبي، عن قتادة. وقيل: جماعة من المنافقين، عن الحسن. «وَكفَرُوا بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ» أي: من بعد إظهارهم الإسلام، وقيل: ظهر كفرهم بعد أن كان باطنا «وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا» لم يدركوا ذلك، قيل: هو هَمُّ المنافقين بقتل النبي ÷ ليلة العقبة، عن الكلبي. وقيل: هو المنافق الذي همَّ بقتله، وقال: إن كان ما يقوله محمد صدقًا فنحن شر من الحمير كيلا يفشيه عليه، عن مجاهد. وقيل: هموا بإخراج الرسول من المدينة، عن قتادة، والسدي. وقيل: هم قريش بقتله، عن ابن عباس. وقيل: هموا بإبطال دينه. وقيل: هموا بالفساد والتضريب عن أصحابه منعًا من نصرته ولم ينالوه، عن أبي علي. «وَمَا نَقَمُوا» أي: ما أنكروا ولا رأوا سوءًا «إِلّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ» ليس معهم معنى ينقمونه على رسوله ÷ وينكرونه عليه «إِلّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرسُولُهُ» قيل: النبي ÷ جعلهم كالمسلمين في الغنائم والأموال فاستغنوا، وكان ذلك بأمر اللَّه، وقيل: كان لعبد اللَّه بن أبي دية استخرجها رسول اللَّه ÷، وقيل: أغناهم بالرسول فكان يجب أن يشكروه، فنقموه، وقيل: كثرت أموالهم بسبب رسول اللَّه ÷ بعدما كانوا في ضنك وعسرة، عن الكلبي، وأبي علي. وقيل: قتل مولى الجلاس بن سويد فأمر رسول اللَّه ÷ بديته له فاستغنى «مِنْ فَضْلِهِ» أي: من رحمته، ولم يقل: من فضلهما؟ قيل: لأنه لا يجمع بين اسم اللَّه واسم غيره في الكناية تعظيمًا له، وقيل: لأن فضل اللَّه منه، وفضل رسول اللَّه من فضل اللَّه ومن أمره.
  ثم استعطفهم فقال سبحانه: «فَإِنْ يَتُوبُوا» يعني إن تركوا النفاق وأخلصوا «يَكُ» توبتهم «خَيرًا لَهُمْ وَإنْ يَتَوَلَّوْا» يعرضوا عن النبي، وقيل: عن الإخلاص، وقيل: عن الإيمان «يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا» وجيعًا «فِي الدُّنْيَا» قيل: بالقتل والأسر والخزي، وقيل: عند الناس، وقيل: في القبر «وَالآخِرَةِ» أي: يعذبهم في الآخرة بالنار «وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ» يلي أمرهم ويدفع عنهم ما نزل بهم «وَلا نَصِيرٍ» ينصرهم لينجوا مما [هم] فيه.