قوله تعالى: {وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولو الطول منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين 86 رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون 87 لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون 88 أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم 89}
  والخوالف: جمع خالفة، وهي النساء المتخلفات في الحي إذا خرج الرجال، عن أبي مسلم. وقيل: خالف وخوالف كهالك وهوالك، وفارس وفوارس، وكافر وكوافر.
  والخيرات: المنافع العظيمة، واحدها: خيرة، قال الشاعر:
  ولقد طَعَنْتُ مَجامِع الرَّبَلاتِ ... رَبَلاتِ هندٍ خَيْرةٍ الملَكاتِ
  الرَّبْلَةُ: باطن الفخذ، وجمعه: رَبَلاَت، وقال المبرد: الخيرات: الجواري الفاضلات، واحدتها: خَيِّرَة، وقيل: يحتمل أنه جمع خَيِّرَة بالتشديد، حذف التشديد بوجهين: هَيْن وهَيِّن، يقال: رجل خيِّر، وامرأة خيِّرة.
  · الإعراب: يقال: ما موضع (أنْ) في قوله: «أنْ آمِنُوا» من الإعراب؟
  قلنا: نصب بحذف حرف الجر بتقدير: بأنْ آمنوا، كأنه قيل: بالإيمان، على جهة الأمر.
  · المعنى: ثم بَيَّنَ تمام أخبار المنافقين، فقال سبحانه: «وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ» من القرآن على رسول اللَّه، وفيها الأمر بالإيمان، ومعنى قوله: «آمِنُوا» خطاب للجميع، أما المؤمنون بأن يدوموا على الإيمان كأنه قيل: آمنوا في مستقبل الأوقات، فأما المنافق فبإخلاص الإيمان ابتداء «وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ» أي: اخرجوا إلى الجهاد معه كأنه قيل: آمنوا أنتم وادعوا غيركم إلى الإيمان «اسْتَأْذَنَكَ» أي: طَلَبَ إِذْنَكَ في القعود «أُولُوا الطَّوْلِ» قيل: أولو المال والقدرة، وقيل: الطول الغنى، عن ابن عباس، والحسن، وجماعة. وقيل: هم الكبراء، عن الأصم. وخصهم بالذكر والذم؛ لأنهم على الجهاد أقدر، وفي الناس أطوع «وَقَالُوا ذَرْنَا» أي: دعنا «نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ» قيل: هم