التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون 93 يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم وسيرى الله عملكم ورسوله ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون 94 سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون 95 يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين 96}

صفحة 3232 - الجزء 5

  قد يكون بالقول، وقد يكون بالفعل، صَدَّقَهُ بقوله بأن يقول: صدقت، أو ما يجري مجراه، والتصديق يكون بالفعل كالمعجزة، وتصديق الأنبياء.

  والانقلاب: مصير الشيء إلى خلاف ما كان من الحال، وأصله من قولهم: قلبت الثوب قلبًا، وفلان قُلَّبٌ: حُوَّلٌ؛ أي يقلب الأمور، ويحتال فيها، وقلبت الشيء تقليبًا: كببته، والقلب يكون على وجوه، قلبت من صفة إلى صفة، كما يصير الشجر رمادًا، والذهب ترابًا، وقلب بمعنى الرجوع، يقال: انقلبتُ إلى بلدي بمعنى رجعتُ. والثالث: قلب الأعيان، وذلك لا يجوز، نحو أن يكون الجوهر عرضًا، والعرض جوهرًا، والسواد بياضًا، ونحو ذلك؛ لأن الأعيان وجودها بالفاعل وصفاتها الذاتية لا تتغير، وصفات المعاني تتغير بحسب تعاقب المعاني عليه، فيصير المتحرك ساكنًا، والساكن متحركًا.

  والجزاء: مقابلة العمل بما يقتضيه من خير أو شر.

  · الإعراب: «خوالف» جمع خالفة، وقد يكون للمذكر على المبالغة كعلَّامة ونسَّابة، عن الزجاج. ويكون للمؤنث على تقدير: رجل خالف، وامرأة خالفة، ويجمع: خوالف، فأما جمع خالف فغريب، وليس بقياس، وإنما جاء في أحرف كفارس وفوارس، وهالك وهوالك، فأما كوافر قيل: جمع كافرة.

  «وَرَسُولُهُ» رفع عطفًا على اسم اللَّه.

  · النزول: قيل: نزلت الآيات في جد بن قيس ومعتب بن قشير وأصحابهما من المنافقين، وكانوا ثمانين رجلاً، فلما قدم النبي ÷ المدينة قال: «لا تجالسوهم، ولا تؤاكلوهم» عن ابن عباس.