قوله تعالى: {إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون 93 يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم وسيرى الله عملكم ورسوله ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون 94 سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون 95 يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين 96}
  وقيل: نزلت في عبد اللَّه بن أبيّ، حلف للنبي ÷ لا يتخلف عنه بعدها، وطلب منه أن يرضى عنه، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآيات.
  وعن كعب بن مالك: لما قدم رسول اللَّه ÷ من تبوك للناس، فجاء المخلفون يعتذرون، ويحلفون، فقبل منهم ظاهرًا، ووكل سرائرهم إلى اللَّه، قال كعب: وما أنعم اللَّه عليَّ نعمة بعد الإسلام مثل ذلك، أني لم أكذب كما كذبوا، فأهلكَ كما هلكوا.
  · المعنى: لما بَيَّنَ تعالى فيما تقدم قبول عذر أهل العذر، بين أن العقاب يسقط الأعذار لا الاعتذار بالباطل، وأمره بألّا يقبل منهم، ولا يرضى عنهم، فقال سبحانه: «إِنَّمَا السَّبِيلُ» قيل: المأثم والعقاب عن أبي علي. وقيل: الذم والعقاب، عن الأصم. وقيل: الحجة والسبيل واحد، عن أبي مسلم. «عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ» يطلبون إذنك في التخلف عنك «وَهُمْ أَغْنْيَاءُ» قادرون بالنفس والمال على الجهاد «رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ» قيل: مع النساء، وقيل: مع الضعفاء والزَّمْنَى «وَطَبَعَ اللَّه عَلَى قُلُوبِهِمْ» قيل: الطبع سمة جعلها اللَّه تعالى في قلب الكافر علامة لكفره، وقيل: المراد به التشبيه يعني أنه كالمطبوع عليها، [وحَذْفُ أداة التشبيه في لسان العرب معروفٌ شائعٌ، ويُعَدُّ] فصاحة، وقيل: هو استفهام؛ أي: أطَبَعَ اللَّهُ؟، وقد تحذف ألف الاستفهام «فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ» لا يعلمون ما عليهم في ذلك «يَعْتَذِرُونَ إِلَيكُمْ» في التخلف «إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيهِمْ» إلى المدينة «قُلْ» يا محمد «لا تَعْتَذِرُوا» بالكذب والباطل «لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ» أي: لا نصدقكم في ذلك «قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ» أخبرنا «مِنْ أَخْبَارِكُمْ» في ذلك التخلف، وفي