قوله تعالى: {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون 105 وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم والله عليم حكيم 106}
  · الأحكام: تدل الآية على المعاد وأن العباد يردون إليه.
  وتدل على أنه تعالى يعلم الغيب، كما يعلم الشهادة.
  واستدل أبو علي بالآية على أن الحركات والسكنات تُرى على ما ذهب إليه، وذكر أن المراد به الرؤية لا العلم؛ لأنه لو أراد به العلم لتعدى إلى مفعول، فأما أبو هاشم فقال: شيء من الأكوان لا يرى لا الحركات ولا السكنات، وذكر القاضي أن المراد ما حله العمل كقولهم: هذا الباب عمل النجار، وهذا الثوب من عمل النساج، ونحو ذلك أقوى في التعارف، فيحمل عليه، ويدل عليه أنه عام في جميع الأفعال، ثم لا خلاف أن الاعتقاد وسائر أفعال القلوب لا تجوز عليها الرؤية لكن قال: «عَمَلَكُم»، والمراد به جميع الأعمال، ويحتمل أن المراد به العلم، ومعنى سيرى أي: سيعلمه موجودًا؛ لأنه من قبل يعلم أنه سيوجد.
  وتدل على أن الرسول يعلم ذلك حتى يشهد عليهم ويحكم فيهم، فكذلك المؤمنون، والفائدة في علم المؤمن إما الشهادة عليهم، وإما إذا علموا منهم طاعة أثنوا عليهم ووالوهم، وإن علموا معصية لعنوهم، فيكون لطفًا في الطاعة وترك المعصية.
  وتدل الآية الثانية أنه لا منزلة بين التوبة والعذاب، وكل من تاب قبلت توبته، ومن لم يتب من الكبائر عُذِّبَ، وفيه إبطال قول المرجئة.
  وتدل على أن ذلك العمل فعلهم؛ لذلك تعلق به الوعد والوعيد، والأمر والنهي، فيبطل. قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق.