قوله تعالى: {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون 105 وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم والله عليم حكيم 106}
  من الصدقات وغيره فإن اللَّه سيرى عملكم، عن أبي علي، فهو على هذا أمر، فقيل: اعملوا فيما تستأنفون بعد التوبة، عن الأصم، وأبي مسلم، فعلى هذا أيضًا فهموا هم «فَسَيَرَى اللَّه عَمَلَكُمْ» قيل: إنما أدخل سين الاستقبال؛ لأنه ما لم يحدث لا تتعلق به الرؤية كأنه قيل: كل ما تعملون يراه اللَّه تعالى، وقيل: أراد يرى من غير استقبال، عن أبي علي. وقيل: الرؤية بمعنى العلم أي: يعلم اللَّه ذلك، وقيل: المراد يراكم عاملين «وَرَسُولُهُ» يعني يرى رسوله أو يعلم وهو يشهد عليكم «وَالْمُؤمِنُونَ» قيل: إن عدتم إلى ما كنتم فيه يرى المؤمنون، عن الأصم، وقيل: المراد بالمؤمنين الخصوص؛ لأن كلهم لا ترى أعمالهم، وقيل: المراد به الشهداء، وقيل: الملائكة الَّذِينَ هم الحفظة؛ لأنهم وإن كانوا ملائكة فهم مؤمنون، عن القاضي. «وَسَتُرَدُّونَ» أي: تردون بعد الموت إلى اللَّه يعني إلى يوم القيامة، واليوم الذي لا يملك الحكم فيه إلا اللَّه، وهو عالم الغيب والشهادة «فَيُنَبِّئُكُمْ» يخبركم بأن يجازيكم، وقيل: يخبركم بما نسيتم من أعمالكم «بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» من الخير والشر.
  ثم بَيَّنَ حال طائفة أخرى فقال سبحانه: «وَآخَرُونَ» قيل: هم الثلاثة الَّذِينَ خلفوا، عن قتادة، ومجاهد. وقيل: هم المنافقون الَّذِينَ اتخذوا مسجدًا ضرارًا، حكاه الأصم. وقيل: هم قوم من المنافقين حذرهم بهذه الآية إن لم يتوبوا، عن الأصم، غير الَّذِينَ اعترفوا على ما تقدم، وغير الَّذِينَ مردوا على النفاق، عن أبي مسلم. وقيل: هم قوم من أهل المعاصي، عن أبي علي. قيل: هم قوم أضمروا التوبة ولم يظهروها «مُرْجَوْنَ لأَمْرِ اللَّهِ» أي: مرجون لحكم اللَّه، يعني: أخر أمرهم إلى أن يقضي اللَّه فيهم «إمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإمَّا يَتُوبُ عَلَيهِمْ» أي: إن تابوا وأخلصوا في التوبة، فذلك مقبول منهم، فأما أن يقيموا على الكفر والعصيان حتى يموتوا فيعذبهم اللَّه «وَاللَّهُ عَلِيمٌ» بما تؤول حالهم إليه «حَكِيمٌ» فيما يفعله بهم.