التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم 111 التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين 112}

صفحة 3270 - الجزء 5

  · اللغة: الشراء: استبدال الشيء بعوض، وهو أخذه به، والبيع: إعطاء الشيء بالثمن، ومنه: أجرة البغية، ومنه: {يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} وقيل: إنه ذكر البيع والشراء توسعًا وتلطفًا في الاستدعاء إلى الطاعة، ومعناه: بذل النفس والمال في مرضات اللَّه ليكون فني مقابلته الجنة، ونظيره: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} وقيل: إنه تأكيد للوعد؛ لأن اللزوم إنما يقع بالشراء والبيع، وحقيقة الشراء لا تجوز على اللَّه تعالى؛ لأن الأشياء كلها ملك له، ولا يستبدل ملكه بملكه.

  والسيح: مصدر ساح في الأرض يسيح: إذا استمر في الذهاب، ومنه: السَّيْح: الماء الجاري، وساح الظل: إذا فاء، ومنه سُمِّيَ الصائم سائحًا؛ لاستمراره على الطاعة في ترك المشتهى.

  · الإعراب: «وَعْدًا» نصب على المصدر أي: وعد وعدًا، وقوله: «اشترى» بدل «وعدًا» ومثله: صُنْعَ اللَّهِ، وفِطْرَةَ اللَّهِ.

  وفي رفع الحديث قوله، «التَّائِبُونَ» وما بعده يرفع بالابتداء، وخبره في قوله: «بَشِّرِ» وتقديره: التائبون مبشر بالجنة، وقيل: هو ابتداء وخبره محذوف، أي التائبون لهم الجنة، وقيل: رفع لأنه خبر ابتداء محذوف، تقديره: هم التائبون، وقيل: رفع «التَّائِبُونَ» لأنه بدل من الضمير في قوله: «يقاتلون» يعني: إنما يقاتل في سبيل اللَّه مَنْ هذه صِفَتُهُ، وقيل: لما طال الكلام، وتمت الأولى جاز فيه الرفع، وإن كان معطوفًا على ما تقدم، وقيل: إنه رفع على المدح.

  · النزول: قيل: لما بايعت الأنصار رسول اللَّه ÷ ليلة العقبة، وهم سبعون نقيبًا قال عبد