التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون إن الله بكل شيء عليم 115 إن الله له ملك السماوات والأرض يحيي ويميت وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير 116}

صفحة 3280 - الجزء 5

  قلنا: لما أمر بقطعْ عصمة الكفار والبراءة منهم بيَّن أن له ملك السماوات، وإذا كان هو ناصرهم فهم لا يقدرون على إضراركم.

  وقيل: لما أمر بالموالاة مع المؤمنين وقطع الموالاة مع الكفار بَيَّنَ أن له ملك السماوات والأرض، ينهى عما يشاء ويأمر بما يشاء.

  وقيل: لما أمر ونهى بيّن أن له ملك السماوات والأرض، فتلزم طاعته في جميع ذلك.

  · المعنى: «وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ» قيل: لا يضلهم عن الثواب وطريق الجنة بعد إذ هداهم ودلهم عليه حتى يبين لهم ما يتقون به المعاصي، ويلزمهم من الطاعات، فيخالفوا ذلك، عن أبي علي. وقيل: ما كان اللَّه ليحكم بضلاك قوم وقد وحدوه وآمنوا به، وإذا لم يعلموا ما عليه من الاستغفار لآبائهم حتى يبين لهم ما يتقون، عن الأصم، قال الكميت:

  وطَائِفَةٌ قَدْ أَكْفَرُونِي بِحُبِّكمُ ... وطَاِئفَةُ قَالُوا مُسيءٌ ومُذنبُ

  أي: حكموا بالكفر.

  وقيل: ما كان اللَّه ليعذب قومًا بعد إذ دعاهم إلى الهدى والإيمان المؤدي إلى الجنة حتى يبين لهم ما يستحق به الثواب من التقوى، عن أبي مسلم، والضحاك.

  واختلفوا في المراد بالآية، وأي بيان هو؟ فقيل: هو عام في جميع الطاعات والمعاصي، عن مقاتل، والكلبي، والضحاك، وأبي علي.

  وقيل: هو في الاستغفار للمشركين، عن الأصم، وأبي مسلم. وتقديره على هذا: ما كان اللَّه ليحكم بضلالكم، وإن استغفرتم للمشركين قبل أن يتقدم بالأمر والنهي.