التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون إن الله بكل شيء عليم 115 إن الله له ملك السماوات والأرض يحيي ويميت وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير 116}

صفحة 3279 - الجزء 5

  والحياة كلها جنس واحد ليس منها مختلف ولا متضاد، واللَّه تعالى حي لم يزل، ولا يزال، لا بحياة.

  والنصير والناصر والمعين بمعنى، إلا أن النصير مبالغة.

  · الإعراب: «ما يتقون» موضعه نصب، تقديره: حتى تتبين لهم التقوى.

  «له ملك» موضعه رفع؛ لأنه خبر (إن) تقديره: إن اللَّه مالك.

  · النزول: قيل: الآية نزلت في استغفارهم للمشركين بَيَّنَ أنه لا يؤاخذهم بذلك ما لم يبين لهم التحريم، عن مجاهد. وهذا يدل على أنه لا يقبح عقلاً؛ إذ لو قبح لأخذوا به.

  وقيل: لما أنزل اللَّه تعالى الفرائض، وعمل به الناس، ثم حولت القبلة، وحرمت الخمر، ونسخ بعض الأحكام سألوا رسول اللَّه، وقالوا: كيف بإخواننا الَّذِينَ انقرضوا وغابوا؟ فنزلت الآية، عن مقاتل، والكلبي، والفراء.

  وقيل: إن قومًا ماتوا قبل أن تنزل الفرائض، قالوا: يا رسول اللَّه، ما حال إخواننا ماتوا قبل أن تنزل الفرائض؟ فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية، ذكره الأصم.

  · النظم: يقال: كيف تتصل الآية بما قبلها؟

  قلنا: لما حرّم اللَّه تعالى الاستغفار للمشركين عَقَّبَهُ بأنه لا يؤاخذهم بما تقدم، ما لم يبين التحريم، عن مجاهد، والأصم، وأبي مسلم.

  ويُقال: كيف يتصل: «إن اللَّه له ملك السماوات» بما قبله؟