التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين 94}

صفحة 498 - الجزء 1

  والتمني: مصدر تمنى تمنيًا، وقيل: هو من جنس الأقوال، وهو قولهم: ليت لي مالاً، هكذا ذكره أهل اللغة والنحو، وهو قول أبي علي، وقيل: هو معنى في القلب، عن أبي هاشم، والأول أصح.

  و (ليت) أَصْل في أداة التمني، ثم يقام الاستفهام مقامه كقوله تعالى: {فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا} وكقولهم: ألاَ ماء فأشربه.

  و (دون): يستعمل على ثلاثة أوجه: دونه في المكان، ودونه في الشرف، ودونه في الاختصاص، وهو المراد بالآية.

  والموت: ضد الحياة، وقيل: هو عرض يضاد الحياة، عن أبي علي وهو الصحيح، وقيل: بمعنى ولكن عبارة عن بطلان الحياة، عن أبي هاشم.

  · النزول: قيل: لما ادعت اليهود دعاوي باطلة، كقولهم: {لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً}، {لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى}، و {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} قيل لهم: «فَتَمَنَّوْا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادقِينَ» في هذا ومثله نزلت الآية، عن قتادة وأبي العالية والربيع، وأكثر أهل العلم، وقيل: لما جادلوا النبي ÷ قيل: «فَتَمَنَّوْا الْمَوْتَ» أي ادعوا الموت على أي الفريقين أكذب، عن ابن عباس ¥.

  · المعنى: ثم عاد إلى الاحتجاج على اليهود في بطلان قولهم: إن الحق ما هم عليه، فقال تعالى: «قل»، يا محمد لهم «إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ اللَّه خَالِصَةً» يعني خاصة، أي كنتم واثقين بخلوص الجنة لكم، وحسن حالكم في المعاد «مِنْ دُونِ النَّاسِ فتمنوا» قيل: من دون اللَّه ومحمد، ÷ وأصحابه ¤ الَّذِينَ