قوله تعالى: {أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون 126 وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون 127 لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم 128 فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم 129}
  قراءة العامة: «أَنْفُسِكُمْ» بضم الفاء من النفس أي: من نسبكم، وقرأ ابن عباس والزهري وابن علية: «من أنْفَسِكُمْ» بفتح الفاء؛ أي: من أشرفكم وأفضلكم، من قولهم: هذا شيء نفيس بَيِّنُ النفاسة: إذا كان مرغوبًا فيه.
  وقراءة العامة: «الْعَظِيمِ» بكسر الميم على أنه نعت «للعرش»، وعن ابن محيصن بالرفع على أنه نعتٌ «لاسم الرب»، قال الأصم: والرفع أعجب إليَّ، بتقدير: وهو العظيم، وليس بشيء؛ لأنه خلاف القراء والنقل.
  · اللغة: الفتنة: الاختبار والامتحان، يقال: فَتَنْتَ الذهب بالنار، ثم تستعمل في أشياء.
  والعَنَتُ: المشقة، وهو الأذى الذي يضيق به الصدر، ومنه: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ} أي: ضيق عليكم، يقال: عَنِتَتْ الدابة تَعْنَتُ عنتًا: إذا حدثَ في قوائمها كسر بعد جبر، لا يمكنها معه الجري، كأنه يشق عليه الجزاء، وأكَمَةٌ عَنُوتٌ: شاقة المصعد، وقال ابن الأنباري: أصله التشديد، ومنه: فلان يعنت فلانًا ويتعنته: يشدد عليه، ثم تقلب إلى معنى الهلاك.
  والحرص: شدة الطلب للشيء مع الاجتهاد فيه.
  والتولي والإعراض: الذهاب عن الشيء، ونقيضه التوجه إليه.
  وحسبي: من الكفاية مثل قول: حسبه كذا، أي: كافيه، وقيل: أصله من الحساب، كأنه يعطيه بحسب الكفاية التي تغني.
  · الإعراب: فتحت الواو في «أَوَلَا يَرَوْنَ»؛ لأنها واو العطف دخلت عليها ألف الاستفهام، فهو متصل بذكر المنافقين، منفصل بفن آخر من ذكرهم.
  و «يَذَّكَر» أصله يتذكر، أدغمت التاء في الذال لقرب مخرجهما.