قوله تعالى: {أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون 126 وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون 127 لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم 128 فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم 129}
  ويقال: ما موضع الجملة في قوله: «لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ»؟
  قلنا: الحال، بتقدير: مستحقًا لإخلاص العبادة، والإقرار بالوحدانية.
  · النزول: قيل: إن آخر القرآن عهدًا بالسماء هاتان الآيتان خاتمة (براءة) «لقد جَاءَكم ...» إلى آخرها، عن قتادة.
  وقيل: آخر سورة نزلت سورة براءة، قال الأصم: قال بعضهم: آخر ما نزل من القرآن: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ}.
  · النظم: الآية تتصل بما تقدم من ذكر المنافقين، وقوله: «أَوَلَا يَرَوْنَ» ذم مبني على قوله: «وماتوا وهم كافرون» لأنه قيل: يموتون كفارًا بسوء اختيارهم لا من قِبَلِهِ تعالى؛ لأنه أزاح العلة بالتمكين واللطف حالاً بعد حال؛ ألا ترى كيف امتحنهم ليتوبوا، ويذكروا فلم يفعلوا.
  ويقال: كيف يتصل قوله: «نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ» بما قبله من إنزال السورة؟
  قلنا: فيها وجوه:
  قيل: نظر بعضهم إلى بعض منكرًا مكذبًا للسورة، ويقول: هل يراكم من أحد.
  وقيل: إذا خرجوا من عند النبي ÷ نظر بعضهم إلى بعض معجبًا، وقالوا: أيكم زادته هذه إيمانًا، عن الأصم.
  وقيل: ينظر بعضهم إلى بعض، ويقولون: هل يراكم من أحد، ثم يتولى عن سماع القرآن، عن أبي مسلم.
  وقيل: ينظر بعضهم إلى بعض خوفًا من أن ينزل القرآن بفضائحهم.