التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون 3 إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا إنه يبدأ الخلق ثم يعيده ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون 4}

صفحة 3317 - الجزء 5

  الوزن، يعني بمثل ما عملوا من الخير بالوزن، يعني بالتقدير «وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ» حار قد انتهى حره في النار، وهو بمعنى محموم «فَعِيل» بمعنى مفعول «وَعَذَابٌ أَلِيمٌ» وَجِيعٌ «بِمَا كَانوا يَكْفُرُونَ» يعني ذلك جزاء على كفرهم.

  · الأحكام: تدل الآية على أن طريق معرفته تعالى أفعاله، فلذلك نبه على ذلك بذكر أفعاله، وهكذا ذكر عن موسى لما سأله فرعون {وَمَا رَبُّ العَالمينَ} نبه بذكر الأفعال، وكذلك إبراهيم لما حاج نمروذ، وذلك أن ما لا يدرك بالحواس، فالطريق إلى معرفته فِعْلُهُ أو حكمه، والحكم معلول العلل، وهو تعالى ليس بعلة، فلم يبق إلا أن يكون الطريق إلى معرفته فعله، فتدل على أنه خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، وقد بينا ما قيل في فائدة ذلك، وإلا فهو تعالى قادر على خلق ذلك في لحظة واحدة، وكونه مصلحة للملائكة أو الخبر به مصلحة لنا.

  ومتى قيل: أليس السماوات والأرض خلقا أولاً؟

  قلنا: لا، بل لا بد من حيوان ينتفع به، وإلا كان عبثًا فيجوز أن يتقدم عليهما، ويجوز أن يخلق معهما.

  ومتى قيل: فكيف يستقر ذلك الحي؟

  قلنا: إن خلقه أولاً فاللَّه تعالى يمسكه كما يمسك السماوات والأرض، وتدل على إثبات المعاد، وأنه يعيد الخلق.

  ومتى قيل: ما الذي يصح فيه الإعادة؟ وما الذي يعيد؟ ومن الذي يعيده؟

  ومن الذي يقدره.