قوله تعالى: {وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم 15 قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون 16 فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح المجرمون 17}
  · المعنى: عاد الكلام إلى مشركي قريش، وما حكموا به على رسول اللَّه ÷ كفرًا وعنادًا، فقال سبحانه: «وِإذَا تُتْلَى» تقرأ «عَلَيهِم» على الكفار «آيَاتُنَا» حججنا، وهي القرآن «بَيِّنَاتٍ» واضحات ظاهرات «قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا» لا يؤمنون بالبعث والجزاء، ولا يطمعون في ثواب، ولا يخافون من عقاب، فجعل لقاء الجزاء لقاء له تفخيمًا وتعظيمًا «ائْتِ بقُرْآنٍ غَيرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ» قيل: ائت بقرآن يكون مع هذا على ما نسألك، أو بَدِّلْ هذا بأنَ ترفعه، وتأتي بغيره من جهتك، وقيل: ائت بكتاب غير هذا، (أو بدله) يعني: بَدِّلْ أحكامه وفروضه، وأوامره وزواجره؛ حتى يكون مُطْلِقًا لهم عبادة ما يعبدون، عن أبي مسلمِ، وقيل: ائت بكتاب غير هذا، ليس فيه عيب لنا ولا لآلهتنا، وتصديق الآخرة، أو غيِّرْ ما في هذا الكتاب من الأحكام، وهو ما يخالفنا، عن الأصم، وقيل: سألوه ذلك تعنتًا وتكذيبًا واستهزاءً، عن أبي علي، وقيل: سألوه ذلك لما فيه من عيب آلهتهم، ومن ذكر البعث والنشور، عن الزجاج، وقيل: سألوه الشبهة فإنهم ظنوا أنه من جهته، وقيل: سألوه استدراجًا إلى تكذيبه ليقول: إني أبدله، فيحتجون عليه بأنه من عنده «قُلْ» يا محمد «مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي» قيل: من عند نفسي، وقيل: نفسي؛ لأنه معجز لا يقدر عليه إلا اللَّه «إِنْ أَتَّبعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ» فيما آتيكم وآمركم وأنهاكم «إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيتُ رَبِّي» أي: خالفته فيمأ أوحي إلي «عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ» وهو يوم القيامة «قُلْ» يا محمد «لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ» أي: ما قرأته عليكم، بألا ينزل عليَّ ولا يأمرني بقراءته عليكم «وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ» أي: ولا أَعْلَمَكُمُ اللَّه به، عن ابن عباس، وقيل: لا أعرفكم، عن أبي علي، يعني لو سألوا اللَّه أن يمنعهم فائدته ما أعلمهم، ولا أمر رسوله بتلاوته عليهم، وقيل: لولا أن أوحي إلي لأتلوه عليكم، وإلا لما تلوته «فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ