التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين 22 فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق ياأيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون 23}

صفحة 3345 - الجزء 5

  والفُلْكُ: السفينة، وأصله الدور، ومنه: فلكة المغزل، والفَلَك: الذي تدور عليه الكواكب، وتَفَلَّكَ ثدي المرأة: إذا استدار.

  والعاصف: الريح الشديدة، عصفت الريح فهي عاصف وعاصفة وأعصفت إعصافًا، قال الشاعر:

  حَتَّى إِذَا أَعْصَفَتْ رِيحٌ مُزَعْزِعَةٌ ... فِيهَا قِطَارٌ وَرَعْدٌ صَوْتُهُ زَجِلُ

  والعصف: خطام البيت المتكسر، وأعصفت الريح إذا هبت فحملت العصف.

  والبغي: طلب الزيادة، وأصله من الطلب، بَغَاهُ يبغيه: إذا طلبه، والبغية: الطَّلِبَةُ.

  والحق: وضع الشيء موضعه، على ما تقتضيه الحكمة.

  · الإعراب: يقال: لِمَ قال: «يسيركم» على وجه الخطاب، ثم قال: «وجرين بهم»؟

  قلنا: للتصرف في الكلام مع أنه خطاب لمن كان في تلك الحال، وإخبار لغيرهم من الناس، قال لبيد:

  بَاتَتْ تَشَكَّى إليّ النَّفْسُ مُجْهِشَةً ... وقد حَمَلْتُكِ سَبْعًا بَعْدَ سَبْعِينَا

  وقيل: لأن خطابه ليس كخطاب الناس؛ لأن بعضهم يشاهد بعضًا، وهو تعالى غير مُشاهَدٍ، فجاز منه أن يجرى مرة على غائب، ومرة على الخطاب، عن أبي علي.

  و (لمَّا) إيجاب لوقوع الثاني بالأول، وتعليق الثاني بالأول من غير قطع به.

  و (بغيكم) رفع على الابتداء، واختلفوا في خبره قيل: في قوله: «متاع» وقيل:

  في قوله: «على أنفسكم».

  «مخلصين» أي: في حال الإخلاص، ونصب (الدين)؛ لأنه مفعول به، أي: أخلصوا الدين.