قوله تعالى: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون 26 والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون 27}
  وقيل: سواد الوجوه، عن ابن عباس وقتادة والأصم وأبي مسلم «وَلاَ ذِلَّةٌ» قيل: هوان، وقيل: كآبة وكسوف، عن قتادة، «أُولَئِكَ» يعني مَنْ تقدم ذكرهم من أهل الجنة «أَصْحَابُ الْجَنَّةِ» أي: المقيمون فيها الملازمون لها ولنعيمها «هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ» دائمون لا يبيدون ولا يبيد نعيمهم «وَالَّذِينَ كسَبُوا السَّيِّئَاتِ» قيل: الكفر، وقيل: عملوا الكبائر، وهو الوجه لعموم اللفظ «جَزَاءُ سَيّئَةٍ بِمِثْلِهَا» أي: جزاء معاصيهم العقاب فسمي جزاء سيئة «سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا» أي: مثل السيئة لا يزيد على المستحق؛ لأنه يكون ظلمًا بخلاف الزيادة في الثواب؛ لأنه تفضل ورحمة، «وَتَرْهَقُهُمْ» تلحقهم «ذِلَّةٌ» هوان «مَا لَهُم مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ» أي: ما لهم من عذابه من مانع يمنع العذاب بنصرة أو شفاعة «كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا» قيل: ألبست وجوههم قطعًا من الليل مظلمًا لشدة سواده، وهو أقبح السواد وأشده «أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ» أهلها الملازمون لها ولعذابها «هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ» دائمون.
  · الأحكام: تدل الآية على أنه تعالى يعطي المحسن ما استحق، ويزيده من فضله، ولا ينقصه، وأنه يعاقب المسيء بقدر معاصيه، ولا يزيده، وهذا هو العدل والفضل، ونفي الظلم عنه سبحانه.
  وتدل على أن من عمل المعاصي يكون في النار، فيبطل قول المرجئة، ولا شبهة أن التائب وأصحاب الصغائر مستثنون منه، وإن كان مطلقًا؛ لِمَا ثبت بالدليل.
  وتدل على أن الطاعة والمعصية فعل العبد على ما نقوله، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق.
  وتدل على أن أهل النار لا عاصم لهم.