قوله تعالى: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون 26 والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون 27}
  قيل: أحسنوا في عبادة اللَّه تعالى، واتبعوا أمره ونهيه، وقيل: أحسنوا العمل في الدنيا، وقيل: أسلموا وقالو: لا إله إلا اللَّه، عن ابن عباس «الْحُسْنَى» قيل: الجنة، عن الحسن وقتادة وأبي علي وأكثر المفسرين، وقيل: المنزلة الحسنى، وقيل: الحالة الحسنى، عن أبي مسلم والحسنى اسم جامع لأنواع السرور كلها «وَزِيَادَةٌ» قيل: الحسنى الثواب المستحق، والزيادة هو ما في قوله: {فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} عن ابن عباس، والحسن، وقتادة، ومجاهد، وعلقمة بن قيس، والأصم، وأبي علي، وأبي مسلم، قال مجاهد: الحسنى الجنة، والزيادة مغفرة من اللَّه ورضوان، وقيل الزيادة غرفة من لؤلؤة واحدة، لها أربعة أبواب، عن علي #، وقيل: الزيادة ألَّا يحاسبهم على ما أعطاهم في الدنيا من النعيم، عن ابن زيد، وقيل: الزيادة: سحابة تأتيهم فتقول: ما تريدون أن أمطركم، فلا يريدون شيئًا إلا أمطرتهم، وقيل: الزيادة ما يأتيهم في كل وقت من فضل اللَّه مجددًا مختلفًا، فأما الثواب فلا يختلف، ولا يتجدد.
  ومتى قيل: أليس روي عن بعضهم أنه النظر إلى وجه اللَّه؟
  قلنا: هذا لا يجوز لوجوه: منها ما دل الدليل العقلي والسمعي أنه لا يُرَى، ولأن ظاهره يوجب أن يكون لله وجه، وذلك يوجب كونه جسمًا، وأن له كُلًّا وبعضًا، ولأنه يجب كونه في جهة، وأن بينه وبين العباد حجابًا يرفع، ولأن الزيادة على الشيء تكون من جنس المزيد عليه، لا أنه يوفى عليه بدرجات كثيرة، ولأن الرؤية عندهم أعظم الثواب، [فكيف] يقال: إنه زيادة؟.
  «وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ» أي: لا يلحق وجوه أهل الجنة «قَتَرٌ» أي: غبار وغبرة،