التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر والله بصير بما يعملون 96}

صفحة 504 - الجزء 1

  عن اليهود، عن الحسن وابن عباس وأبي العالية، وغيرهم من أهل العلم، وقيل: هم علماء اليهود، عن الأصم «أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ» يعني حرصهم على بقائهم في الدنيا أشد من حرص سائر الناس «وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا» قيل: اليهود أحرص الناس، وأحرص من الَّذِينَ أشركوا، عن الفراء والأصم وأبي علي وأبي القاسم، وقيل: هو ابتداء أي من الَّذِينَ أشركوا من يود، عن أبي علي، وقيل: فيه تقديم وتأخير، وتقديره: ولتجدنهم وطائفة من الَّذِينَ أشركوا أحرص الناس على حياة، عن أبي مسلم، واختلفوا في المراد بقوله: «وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا» على ثلاثة أقوال: قيل: المجوس، عن أبي العالية والربيع، وقيل: مشركو العرب، عن الحسن، وقيل: كل مشرك، قال ابن عباس: المشرك لا يرجو بعثًا بعد الموت، وهو يحب طول الحياة.

  ويُقال: كيف صارت اليهود أحرص الناس، وأحرص من الَّذِينَ أشركوا على أحد التأويلين؟

  قلنا: قال ابن عباس: لأن اليهودي عرف ما له في الآخرة من الخزي بما ضيع ما عنده من العلم، وقيل: هذا في المعاندين، فأما الجهال فجعلوا تبعًا على التغليب «يَوَدُّ أَحَدُهُمْ» يريد، ولحب «لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ» وخص الألف لأنه تحبه المجوس، يقولون: عش ألف سنة، وعش ألف نيروز وألف مهرجان، عن بعض المفسرين، قال ابن عباس: هو قول أحدهم إذا عطس: «زه هزا رسال»، يعني ألف سنة، وقيل:

  المراد به التكثير، وهو معروف في كلام العرب. «وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ» أي بمنجيه، عن ابن عباس وأبي العالية، وقيل: بمباعده، وقد بينا أنه كناية عن التعمير، أو عن أحدهم، أو هو عماد «أَنْ يُعَمَّرَ واللَّه بَصِيرٌ» يعني: عليم بأعمالهم يعلم ما يستحقون، فيجازيهم بها، وذلك وعيد لهم.